العذر أقبح من الذنب

حين تتحول المبررات إلى إدانة
منذ أشهر، يعيش الموظفون المدنيون والعسكريون في مختلف المحافظات أوضاعًا معيشية صعبة بعد انقطاع رواتبهم للشهر الرابع على التوالي، في ظل تبريرات رسمية متكررة تُرجع السبب إلى “عدم توريد الإيرادات إلى البنك المركزي”.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كيف كانت تُصرف الرواتب في السابق إذا كانت الإيرادات لا تُورَّد أصلًا؟ ومن أين كان يُؤمَّن التمويل إذًا؟
هذا التبرير لم يعُد مقنعًا لأحد، بل بات دليلاً على حجم التخبط وسوء الإدارة في إدارة الملف المالي للدولة. فالعذر الذي يُقدَّم اليوم لا يُبرِّر الأزمة، بل يُدين القائمين عليها، ويكشف أن المشكلة أعمق من مجرد عجزٍ في التوريد أو قصورٍ في التحصيل.
الموظف الذي ينتظر راتبه لا تعنيه المبررات ولا التصريحات المتكررة، بقدر ما يعنيه أن يعيش بكرامة ويؤمّن لقمة عيشه بعد شهورٍ من الانتظار والعجز.
لقد آن الأوان لمصارحة الناس بالحقيقة، بدل الاستمرار في تعليق الفشل على شماعة “عدم توريد الإيرادات”. فالعذر في هذه الحالة – كما يقول المثل – أقبح من الذنب، بل هو إقرارٌ ضمنيٌّ بالعجز عن إدارة أبسط ملفات الدولة، وهو ملف الراتب… ذلك الشريان الذي يُبقي حياة الناس مستمرة وسط كل هذا الخراب.
كتب/ علي ناجي سعيد



