مقالات

لماذا كَشَفَتَ روسيا طائراتها بالعراء؟


أحمد عبدالتواب
ثبُت أخيراً أن لروسيا رداً قوياً على أهم نقد وُجِّه لها، لأنها سَهَّلَت إنجاح العدوان التاريخى على مطاراتها، وتدمير عدد من أهم طائراتها المُجَهَّزة للحرب النووية، فيما أقرت أوكرانيا بأنها قامت بالضربة بمُسَيَّراتها. وقد تركز النقد على أن روسيا هى التى عَرَّضَت طائراتها الثمينة للعدوان، لأنها وضعتها مكشوفة فى العراء بما جعلها سهلة الرصد، ليس فقط بالتجسس عبر الأقمار الصناعية، ولكن بالطائرات غير العسكرية، أو حتى بأى وسيلة، بالون أو منطاد، يُحَلِّق فوق المطارات ويحمل كاميرات عادية! أما منطق روسيا على هذا النقد، كما يقول محللون غربيون، فهو أنها كشفت طائراتها عامِدة التزاماً منها باتفاقيات سولت وستارت، المعقودة مع الولايات المتحدة، التى تُلزِم البلدين بأن تكون طائراتهما العسكرية المجهزة لحرب استراتيجية نووية مكشوفة فى العراء، ليكون من حق كل منهما أن يرصد الطرف الآخر ليطمئن إلى أنه ملتزم بنصوص الاتفاقيات. وهذا يؤكد أن الولايات المتحدة هى، بالمثل، مُلْزَمة بأن تضع طائراتها الشبيهة مكشوفة فى العراء. والمُفْتَرَض أن الهدف من نَصّ وروح هذه الاتفاقيات ضمان توفير أجواء تساعد على أن يَعُمّ السلام بين أكبر قوتين نوويتين بما يعود بالأمن على العالم أجمع، لا أن يَستَغِل أحد طرفى الاتفاقيات المعلومات التى توافرت له، بالتراضى والاتفاق، فى أن يَشنّ بنفسه هجوما على الطرف الآخر، أو أن يساعد جهة ثالثة بمنحها المعلومات المتاحة له لاستخدامها فى حروبه الخاصة ضد الطرف الآخر فى الاتفاقيات.

هذا الجانب المعلوماتى الذى تعجز أوكرانيا وحدها عن تحصيله، يُضاف إلى جوانب أخرى من المُسَلَّم به أنه ليس لدى أوكرانيا القدرة على معرفتها بدقة، مثل مواقع المطارات التى هاجمتها، والتى أقصت روسيا بعضَها إلى بُعد أكثر من 4 آلاف كم عن حدودها مع أوروبا، كما تجهل أوكرانيا أيضاً نظام اصطفاف الطائرات الروسية على الأرض، لكى تبرمج المسيرات على قصفها..إلخ.

هذه الخديعة لا تُقَلِّل من مسئولية روسيا عن انتهاك أمنها الوطنى بهذه السهولة، لأنها لم تحسب احتمال ألا يلتزم الطرف الآخر! والمتوقع منها أن تنتقم، ولكن لا أحد يجزم: كيف ومتى؟

نقلا عن الأهرام

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى