رحيلٌ مُباغتٌ ومُوجع ..

الصديقُ العزيزُ، فضل علي محمد ” الشنن ” ، في رحابِ اللهِ الواسعة.. توقفَ قلبُهُ ظهرَ اليومِ ، إثرَ ذبحةٍ صدريةٍ مُباغتةٍ، بينما كانَ بِمَعِيَّةِ أصدقائِهِ في مدينةِ الضالع.
رحيلٌ موجعٌ لشخصٍ ملأَ المكانَ حيويةً ونشاطًا. أتذكرُ أنه جاءني فورَ حصولِهِ على وظيفةِ “مُعلِّم” في جزيرةِ سقطرى، فشجعتُهُ وحفزتُهُ على خوضِ غمارِ الرحلةِ، على ما فيها من مشقةٍ ومهابةٍ لإنسانٍ لم يعتدِ البُعدَ عن أهلهِ وذويهِ وأصدقائِهِ.
تحدى الظروفَ، وكانَ عندَ مستوى المهمةِ الموكلةِ. اصطحبَ عائلتَهُ وشَدَّ الرحالَ إلى هناكَ، فأقامَ فيها فترةً زمنيةً، وبقيَ مواطنًا منتميًا لجزيرة الأساطيرِ .
عادَ خلالَ الأعوامِ الفارطةِ إلى قريتِهِ “القرضي”، وظلَّ وجهًا واسمًا فاعلًا، لا يترددُ لحظةً عن المساهمةِ بكلِّ ما يُطلبُ منهُ، خدمةً للناسِ ولذاتِهِ ولعائلتِهِ.
ليسَ هنالكَ ثمةَ واجبٍ أو عملٍ خيريٍّ أو إنسانيٍّ إلا وكانَ الفقيدُ في طليعةِ المبادرينَ والمساهمينَ. إنسانٌ في عُنفوانِ نشاطِهِ وفاعليتِهِ، بلا شكَّ رحيلُهُ سيتركُ وجعًا وندبًا في أفئدةِ رفاقِهِ وأقاربِهِ.
أجزمُ أنَّ جبلَ جحافَ سيتوشحُ الليلةَ بالسوادِ حزنًا وألمًا لهذا الفَقدِ الموجعِ. كما أنَّ سقطرى كَظِيمةٌ باكيةٌ لهذا الرحيلِ والمصابِ الجللِ.
وداعًا، أيُّها الرجلُ المشاغبُ، الطيبُ، الفاعلُ، المجاهرُ بسخطِهِ وغضبِهِ، والمتسامحُ دومًا مهما بدرَ منهُ من انفعالٍ. ستبقى ابتسامتُكَ وصخبُكَ راسخَيْنِ في الأمكنةِ والأذهانِ، وستبقى ذكراكَ طيبةً في نفوسِ كلِّ الناسِ الطيبينَ.
دعواتُنا للهِ أن يرحمَهُ ويغفرَ لهُ، ويسكنَهُ جنانَ الفردوسِ معَ الأبرارِ والأخيارِ والصادقينَ.
خالصُ عزائِنا لعائلتِهِ الكريمةِ، لإخوتِهِ، أصهارِهِ، أقاربِهِ، وأصدقائِهِ. أقولُ لهؤلاءِ وعلى كثرتِهِم: عظمَ اللهُ أجرَكُم، وغفرَ لميتكم ، وألهمَكُمُ الصبرَ والسلوانَ. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}…
محمد علي محسن



