لاتقتل الغير بفرحتك..

مرام بني مصطفى.
تُعدّ ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية مشكلة متجذرة في العادات والتقاليد، ورغم كل الحملات التوعوية، والتحذيرات الرسمية، والتشريعات القانونية، ورغم ما تبذله مؤسسات الدولة والمجتمع من جهود تبدأ من الأسرة والعشيرة والقبيلة وتنتهي بمؤسسات المجتمع المدني، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال مستمرة وكأنها جزء لا يتجزأ من طقوس الفرح
هذا السلوك غير المقبول اجتماعيًا وثقافيًا يرافق أفراحنا وكأنه جزء من طقوس الاحتفال، رغم كل ما يرافقه من تهديد لحياة الأبرياء، وزعزعة لأمن المجتمع، وخرق للقانون. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة، والإجراءات الصارمة التي تتخذها الدولة، وما تقوم به الأسرة والعشيرة والقبيلة، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني من توعية وتحذير، إلا أن هذه الظاهرة ما زالت مستمرة بشكل يثير القلق.
نجاح طالب يُقابل بإطلاق الرصاص، وزفاف شاب يتحوّل إلى ساحة نار، وترقية موظف تُختتم بعيارات نارية، وكأن الفرح لا يكتمل إلا بهذه الطقوس الخطرة، التي لا تعبّر عن سعادة حقيقية، بقدر ما تكشف عن سلوك منحرف يؤذي الآخرين ويخلّ بأمنهم وسلامتهم.
السنوات الأخيرة شهدت حوادث أليمة، ذهب ضحيتها أبرياء بسبب رصاصات طائشة، لا ذنب لهم سوى وجودهم في المكان الخطأ وفي الوقت الخطأ. أطفال فقدوا آباءهم، وأمهات ثُكلن بأبنائهن، وأسر تدمرت بسبب رصاصة خرجت باسم “الفرح”، لكنها كانت بداية حزن لا ينتهي.
إطلاق العيارات النارية لا يعكس بهجة، بل جهلًا بعواقب الأمور، وتهاونًا في أرواح البشر، ومساهمة في نشر الخوف بدل الفرح. وهي عادة سيئة يجب أن تتوقف، لأنها تُزهق الأرواح، وتُدمّر الأسر، وتُعطّل مصالح الناس، وتُخيف الأطفال، وتخلّ بالأمن المجتمعي.
وللقضاء على هذه الظاهرة، لا بد من إدراك أن المسؤولية جماعية. كل فرد في المجتمع عليه دور: أن لا يطلق، وأن لا يشارك، وأن لا يسكت، وأن لا يستهين. نشر الوعي، وتوضيح العواقب، وتغيير المفاهيم، مسؤولية مشتركة لكل أبناء هذا الوطن الذي يستحق منا أن نحميه، لا أن نزرع الرعب في أرجائه باسم “الفرح”.



