عنف وجحود يقابلان جهود المنظمات الإنسانية في اليمن

صنعاء -متابعات: يمثّل العنف الذي يتعرّض له منتسبو المنظمات الناشطة في مجال العمل الإنساني والإغاثي في اليمن حالة صادمة ومفارقة غريبة في البلد الذي تعتمد شرائح واسعة من سكانه على جهود تلك المؤسسات ومساعداتها التي من بينها ما هو منقذ للحياة.
وأعلنت 68 منظمة إغاثة أممية ودولية، الثلاثاء، أن اليمن شهد العديد من حوادث العنف ضد العاملين في المجال الإنساني والأصول الإنسانية، محذرة من أن البلاد تواجه ثالث أكبر أزمة جوع على مستوى العالم.
وحذرت تلك المنظمات، في بيان مشترك بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يصادف يوم التاسع عشر من أغسطس من كل عام، من أن استهداف العاملين في المجال الإنساني ليس فقط انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، بل يشكل هجوما غير مباشر على الملايين من الضعفاء الذين يتلقون المساعدة.
ووقّع على البيان المشترك منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأغذية والزراعة الأممية الفاو والمنظمة الدولية للهجرة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والعشرات من المنظمات.
وأفاد البيان بأنه منذ بداية العام تم تسجيل سبع عشرة حادثة عنف ضد العاملين في المجال الإنساني وأصول إنسانية في اليمن، بينما لا يزال العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني محتجزين تعسفيا منذ أكثر من عام من قبل سلطات الأمر الواقع، في إشارة إلى جماعة الحوثي التي تدير في مناطق سيطرتها حكومة موازية غير معترف بها دوليا.
وتتهم الجماعة موظفين أمميين وناشطين إنسانيين وإغاثيين تحتجزهم منذ فترة طويلة بأنهم جواسيس لقوى دولية معادية لها، حيث أعلنت في وقت سابق عن تفكيك شبكة تجسس للولايات المتحدة وإسرائيل “قامت بأدوار تجسسية وتخريبية في مؤسسات رسمية وغير رسمية على مدى عقود لصالح العدو،” مؤكّدة أن الشبكة المزعومة “مرتبطة بشكل مباشر بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية،” وتمّ تزويد عناصرها “بتقنيات وأجهزة ومعدات خاصة، تمكنها من تنفيذ أنشطتها بشكل سري”.
وفتح الحوثيون باحتجازهم هؤلاء الموظفين جبهة صراع إضافية مع المجتمع الدولي أضيفت إلى المواجهة التي تخوضها معه باستهدافها لخطوط التجارة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
ولا يمر توتير العلاقات مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من دون أثر على الأوضاع في اليمن وخصوصا الأوضاع الإنسانية في البلد الذي يعتمد كثيرا على مساعدات المجتمع الدولي في مجالات حساسة من بينها مجال توفير الغذاء لعدد كبير من السكان.
وطالبت الأمم المتحدة أكثر من مرّة، وخصوصا، على لسان مبعوثها إلى اليمن هانس غروندبرغ جماعة الحوثي بإطلاق سراح الموظفين والعاملين الإنسانيين، دون جدوى.
وما تزال المنظمة الأممية رغم الصعوبات والعوائق التي تعترض عملها في اليمن، بما في ذلك شحّ الموارد المخصصة لمساعدة اليمنيين بسبب تناقص الهبات المقدمة من الدول لمساعدة سكان البلاد، تمارس سياسة طول النفس وتواصل جهودها سواء في مجال الإغاثة وتقديم الخدمات الضرورية، أو على صعيد خفض حدّة الصراع بين الفرقاء هناك ومحاولة إطلاق مسار سلمي لحلّه.
وشدد بيان المنظمات حول العنف الممارس ضد منتسبيها على ضرورة حماية العاملين في المجال الإنساني باستمرار وتمكينهم من أداء مهامهم المنقذة للأرواح بأمان ودون تدخل أو فرض القيود غير المبررة والإفراج الفوري وغير المشروط عن الزملاء المحتجزين.
وأضاف أن اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام يأتي في وقت تتزايد فيه الاحتياجات الإنسانية بشكل كبير حيث يواجه اليمن في الوقت الراهن ثالث أكبر أزمة جوع على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يعاني أكثر من 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول سبتمبر القادم.
كما أشار البيان إلى أن معدلات الإصابة بسوء التغذية ترتفع وسط تفشى الأمراض، مع آثار وخيمة خاصة على الأطفال، فضلا عن تضاعف مخاطر الحماية، خاصة بالنسبة إلى النساء والفتيات والنازحين واللاجئين والمهاجرين وذوي الإعاقة وغيرهم من الفئات المعرضة للخطر.
ويواجه اليمن مجاعة وشيكة وانهيارا في الخدمات الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد بين القوات الحكومية والحوثيين، والتي أدت إلى صنع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.



