عربية ودولية

التأهب العسكري المصري في سيناء.. رسائل لطمأنة الداخل وتحذير إسرائيل



القاهرة/عدن اوبزيرفر:
منذ تصاعد الموقف في قطاع غزة تقوم مصر بتوجيه رسائل عسكرية متفرقة من حين إلى آخر، تؤكد من خلالها قدرتها على صد أيّ عدوان على أمنها القومي، ويتعمد المسؤولون العسكريون في مصر عدم الإشارة مباشرة إلى إسرائيل التي توجد قواتها بالقرب من حدودها مع غزة، لكن كل الإشارات يتم تفسيرها على أنها موجهة ضمنيا إلى إسرائيل وليس إلى غيرها، وأبرزها تحريك معدات ثقيلة وزيادة أعداد الجنود المصريين في منطقة شمال سيناء وتمركزها على مقربة من معبر رفح.

وجاءت زيارة وفد عسكري أردني إلى مصر لتوحي بخطورة التهديدات الإقليمية، وأن القاهرة وعمّان تخشيان من تداعيات ما يحدث في غزة، وانعكاساته على أمن البلدين، حيث تستهدفهما خطة إسرائيل لتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم.

والتقى الفريق أول عبدالمجيد صقر وزير الدفاع المصري، الأحد، باللواء يوسف أحمد الحنيطى رئيس هيئة الأركان المشتركة بالأردن والوفد المرافق له، وتناولا سبل تعزيز العلاقات العسكرية بين القوات المسلحة في البلدين، والمستجدات الإقليمية والدولية وتأثيراتها على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

ويشير توقيت اللقاء إلى قلق بالغ، ما يستوجب التعاون والتنسيق لسد الثغرات الأمنية الناجمة عن تصميم إسرائيل على تنفيذ خطتها للتهجير، طوعا أو قسرا، حيث تستبعد مصر والأردن من حساباتهما حاليا الدخول في مواجهة عسكرية ضد إسرائيل.

وأكد وزير الدفاع المصري خلال لقائه مع جنود بالمنطقة الغربية العسكرية أهمية الجاهزية للقتال في ظل “المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة،” وهو ما فهم على أنه رسالة تطمين يبعثها إلى المواطنين لتأكيد الثقة بالمؤسسة العسكرية، وأنها يقظة على الاتجاهات الإستراتيجية، شرقا وغربا وجنوبا، وجميعها تشهد توترات متزامنة، تفرض قدرا كبيرا من الاستعداد القتالي.

وتعددت إشارات كبار القادة العسكريين، من شرق مصر إلى غربها وجنوبها، بهدف تأكيد أن الجاهزية ليست موجهة إلى جهة بعينها أو أن هناك اهتماما بجهة على حساب أخرى، فمع أن التهديدات القادمة من قطاع غزة أكثر خطورة، غير أنها لا تقل عمّا يمكن أن يأتي من الغرب، حيث لا تزال بعض الجماعات المتطرفة تنشط في ليبيا، ولا تتوانى عن التفكير في اختراق الحدود الممتدة مع مصر لتشتيت قوات جيشها، أو من الجنوب، حيث يدور في السودان صراع محتدم يسمح بوجود سيولة أمنية بالقرب من الحدود مع مصر، ناهيك عن جنوب البحر الأحمر، وما يدور فيه من عمليات عسكرية عرقلت حرية الملاحة في قناة السويس وأثّرت سلبا على عائداتها.

وسعى لقاء وزير الدفاع مع كبار القادة في المنطقة الغربية إلى دحض بعض الشائعات التي تتردد حول التركيز على سيناء وإهمال مناطق أخرى في مصر، وهو ما يمكن أن يمثل خطرا على الدولة، ويقلل التحام المواطنين بجيشهم في هذه الفترة العصيبة، وثمة يقين لدى المؤسسة العسكرية أنها قادرة على التعامل مع التهديدات الخارجية، وكل ما تحتاجه هو وقوف المصريين خلفها، وعدم الاستماع إلى أيّ أصوات مغرضة.

وحوى اللقاء رسالة لمن يفكرون في استغلال أيّ ثغرات أمنية، وأن قيادة الجيش لا تترك الأمور الحيوية للصدفة في المناطق الحدودية، أو تهمل خطرا أصغر بهدف مواجهة خطر أكبر، إذ يمكن أن يصبح الأول مقدمة للثاني وبابا لمضايقات قد تؤدي إلى تطورات شديدة الخطورة، يصعب التعامل معها لاحقا، ومن هنا فالجاهزية متعددة الأغراض والمهام والأدوات وسيلة ردع لمن يتربصون بالدولة من الخارج.

وقال بيان للمتحدث العسكري المصري إن لقاء وزير الدفاع تم في حضور رئيس الأركان الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، وعدد من قادة القوات المسلحة، استمراراً للقاءات تقوم بها القيادة العامة للجيش للتواصل مع الجنود والاطمئنان على جاهزيتهم، وهي إشارة واضحة على الشعور بخطر داهم قد يأتي في أيّ لحظة، ومن الواجب حدوث درجة عالية من التعبئة القتالية.

وأوضح صقر أن الحفاظ على الاستعداد القتالي لمواجهة كافة التحديات ضمان حقيقي لأمن الوطن واستقراره، في ظل متغيرات متسارعة تشهدها المنطقة، مشددا على ضرورة الارتقاء بمستوى الوعي والفهم الصحيح للمقاتلين، ارتباطاً بما يدور حولهم.

ويأتي ذلك في خضم تحذيرات تحملها وسائل إعلام إسرائيلية من وقت إلى آخر حول الاستعدادات المكثفة التي يقوم بها الجيش المصري، وما تمثله من تهديدات لإسرائيل في المستقبل، لكن لم تظهر القاهرة أو تل أبيب أيّ نوايا على التوجه نحو صدام عسكري، وعلى العكس يحرص كلاهما على التمسك باتفاقية السلام بينهما، وعدم التفريط فيها، باعتبارها خطوة إستراتيجية، وتحرص الولايات المتحدة على عدم تفكيكها، كحليف لدولتين يلعب كل منهما دورا مهما في الحفاظ على المصالح الأميركية في منطقة تشهد صراعا خفيا بين قوى كبرى متعددة.

ولفت متابعون إلى ما يمكن أن ينجم من نتائج سلبية جراء العملية العسكرية الإسرائيلية للسيطرة على مدينة غزة وترحيل سكانها نحو الجنوب، أي قرب الحدود مع مصر، وإمكانية إجبارهم على التهجير القسري، حيث لا تستطيع القوات المصرية ردعهم أو استيعابهم، وسط مجاعة إنسانية عملت إسرائيل على زيادة حدتها، ما يفضي في النهاية إلى دفعهم للعبور وتمركزهم بسيناء وعدم السماح لهم بالعودة مرة أخرى.

ويضيف هؤلاء المتابعون أن إشارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى “إسرائيل الكبرى” في أحد البرامج التلفزيونية لم تكن مزحة أو صدفة، بل المقصود منها أن حرب غزة هي مقدمة لحروب أخرى في المنطقة، ما يعزّز العقيدة العسكرية في مصر بأهمية عدم الركون فقط للسلام، وأن طموحات إسرائيل بلا حدود، وما يبدو على سبيل الدعاية ربما يتحول مع الوقت إلى واقع، إذا لم يجد قوة مناسبة تردعه.

وأصبح سيناريو التهجير الذي تريد الحكومة الإسرائيلية تنفيذه هدفا رئيسيا في أجندتها عقب تعمدها منع نجاح المفاوضات مع حركة حماس وتجاهل ردها الإيجابي على مبادرة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف مؤخرا، والإصرار على اجتياح مدينة غزة تدريجيا، ما أزعج القاهرة كثيرا وجعلها تؤكد إدانتها المتكررة لما تقوم به قوات الاحتلال في القطاع، وتناشد المجتمع الدولي بالتحرك قبل حدوث المزيد من الانفجار.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى