شؤون محلية

إسرائيل تنتقل من شن هجمات محدودة إلى استهداف منظومة الحكم الحوثية



صنعاء – هدن اوبزيرفر:أعلن الحوثيون مقتل رئيس حكومتهم وعدد من أعضائها في الضربة الإسرائيلية على صنعاء قبل يومين، وهو أكبر مسؤول سياسي يُقتل في تداعيات المواجهة اليمنية – الإسرائيلية على خلفية الحرب في قطاع غزة. ويعتبرون أن إسرائيل، التي اكتفت في السابق بتوجيه ضربات محدودة للحوثيين من باب الرد على إطلاق الصواريخ، قد اختارت تغيير هجماتها لتخرج بها من استهداف المنشآت إلى استهداف منظومة الحكم الحوثية بضرب القادة السياسيين والعسكريين.

وسبق لإسرائيل أن هددت باستهداف قيادات حوثية، في تلويح ضمني بالسيناريو الذي طبّقته ضد حزب الله في لبنان وأفضى إلى مقتل عدد كبير من أبرز قادته العسكريين والسياسيين على رأسهم أمينه العام آنذاك حسن نصرالله، وهو نفس السيناريو الذي استهدف قادة حماس في الداخل والخارج في مسعى لإضعاف الجماعة وإشعارها أن المعركة لن تستمر بأسلوب الكر والفر، وأن المرحلة القادمة ستكون لإنهاء الجماعة عبر ضربات نوعية تطال القادة المهمين، ما يدفع الحوثيين إلى المزيد من التخفي.

وأوردت قناة المسيرة التابعة للمتمردين اليمنيين على حسابها على تطبيق تلغرام بيانا قالت إنه صادر عن “رئاسة الجمهورية اليمنية” في مناطق الحوثيين غير المعترف بها، أكّد مقتل “أحمد غالب الرهوي رئيس الوزراء في حكومة التغيير والبناء مع عدد من رفاقه الوزراء يوم الخميس الماضي”.

وتابع البيان “جُرح عدد من الوزراء بإصابات متوسطة وخطيرة نتيجة العدوان الإسرائيلي، وهم تحت العناية الصحية،” مشيرا إلى أن الاستهداف جاء خلال “ورشة عمل اعتيادية للحكومة”. وجاء في بيان منفصل أن رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط أصدر قرارا بتكليف محمد أحمد مفتاح الذي كان النائب الأول للرهوي، بالقيام بأعمال رئيس مجلس الوزراء.

وتركّز القوات الإسرائيلية في ردودها على قصف جماعة الحوثي لعدد من المواقع داخل إسرائيل على استهداف المرافق والمنشآت الحيوية والبنى التحتية اليمنية المتهالكة أصلا معمقّة بذلك المصاعب المعيشية وسوء الخدمات الذي يعانيه سكان البلاد لاسيما في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.

ويعود ذلك إلى وجود قناعة لدى صانع القرار الأمني والعسكري للدولة العبرية بصعوبة القضاء على القوة العسكرية للحوثيين والحدّ من قدرتهم على استهداف إسرائيل بالصواريخ العابرة والطائرات المسيّرة.

وفي حين تبدو جماعة الحوثي الموالية لإيران قليلة الاكتراث بنتائج سلوكها على عيش السكان الواقعين ضمن سلطة الأمر الواقع التي تقيمها بالتوازي مع السلطة اليمنية المعترف بها دوليا في سبيل تحقيق أهداف إستراتيجية تتجاوز اليمن بحدّ ذاته وترتبط بمصالح طهران وسياساتها الإقليمية، تأمل تل أبيب في خلق المزيد من التعقيدات للجماعة في إدارة المناطق الخاضعة لها أملا في تعميق الفجوة بينها وبين سكان تلك المناطق.

وسبق لإسرائيل أن قصفت في نطاق التكتيك ذاته القائم على حرمان مناطق الحوثي من مرافقها الحيوية، مطار صنعاء الدولي وملحقة به خسائر فادحة شملت تدمير عدد من طائرات الخطوط اليمنية، كما سبق أن قصفت موانئ واقعة على البحر الأحمر غرب اليمن أهمها ميناء الحديدة العصب الحيوي لحياة مناطق الحوثي، والذي ما تزال الجماعة تواجه صعوبات كبيرة في ترميمه وإعادته للعمل بكل طاقته.


وكثيرا ما يثير حجم الدمار الذي يخلفه القصف الإسرائيلي في بنى تحية يمنية الأسئلة حول خيارات جماعة الحوثي في حماية تلك البنى والمرافق بالغة الحيوية للسكان الذين يعانون أصلا تبعات الصراع الطويل المستمر في بلدهم والذي أحدث وضعا اقتصاديا وإنسانيا كارثيا وفقا لتوصيفات دولية وأممية.

كما يثير بالنتيجة الأسئلة عن جدوى استمرار الجماعة في الصراع ضدّ إسرائيل التي تفوقها قدرات عسكرية وتقنية، والنتائج التي يمكن أن تتأتى لها من وراء ذلك، في ما عدا الناتج الدعائي الذي تجنيه من رفع شعار مساندة الفلسطينيين ودعمهم في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة.

لكن الحوثيين المرتبطين بشكل وثيق بإيران يظهرون رغم الخسائر المؤكدة للمواجهة مع إسرائيل إصرارا على مواصلة قصفهم لأهداف إسرائيلية بدفع من إيران نفسها باعتبارها المستفيدة الأكبر من إثارة التوترات في المنطقة ومن خوض صراعاتها ضد خصومها وأعدائها وكالة وعبر أذرع محلية لها من بينها جماعة الحوثي نفسها.

وكان الحوثيون عيّنوا أحمد غالب الرهوي رئيسا للحكومة التي تعمل في مناطق سيطرتهم، في أغسطس 2024، خلفا لعبدالعزيز بن حبتور. وينتمي الرهوي الذي يتحدّر من جنوب اليمن إلى حزب المؤتمر الشعبي العام الذي أسسه الراحل علي عبدالله صالح والذي تحالف مع الحوثيين.

وبدأت الحرب في اليمن في العام 2014 بهجوم لجماعة أنصارالله، أي الحوثيين المنتمين إلى الأقلية الزيدية، في اتجاه صنعاء، مندّدين بتهميشهم. وسيطروا خلال معارك ضارية مع القوات الحكومية، على مناطق واسعة في شمال اليمن، ثم دخلوا صنعاء. وتدخّلت السعودية في الحرب دعما للقوات الحكومية في العام 2015 على رأس تحالف من دول عدة. وتتخذ السلطات اليمنية من عدن مقرا مؤقتا.

وأصدرت حركة حماس بيانا عزّت فيه الحوثيين، معتبرة العملية الإسرائيلية “غادرة وجبانة”، و”انتهاكا صارخا لسيادة دولة عربية، وجريمة نكراء وغطرسة صهيونية ضدّ كلّ الأعراف والقوانين الدولية”. ويرى الخبير في الشؤون اليمنية محمد الباشا المقيم في الولايات المتحدة، في العملية الإسرائيلية تحوّلا في الإستراتيجية التي استهدفت في السابق بنى تحتية في اليمن.

ويقول لوكالة فرانس برس “تشير الضربات إلى تحوّل في التركيز العملياتي الإسرائيلي، من استهداف البنية التحتية للنقل والطاقة إلى استهداف شخصيات بارزة،” مضيفا أنه “تصعيد من المرجح أن يهزّ أركان قيادة الحوثيين”. ونفّذت إسرائيل الخميس هجوما على صنعاء، بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي اعتراض طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن نحو الدولة العبرية. واستهدفت الغارات الإسرائيلية منطقة عطان في جنوب غرب صنعاء ومنزلا في منطقة بيت بوس جنوب العاصمة.

وقال الجيش الإسرائيلي الخميس إنه ضرب “هدفا عسكريا تابعا للنظام الحوثي الإرهابي،” فيما تداولت تقارير إعلامية يمنية غير مؤكدة حينها خبر مقتل الرهوي. ويضيف الباشا أن هذه العملية “تصعيد من المرجح أن يهزّ أركان قيادة الحوثيين،” و”تحمل بصمات ضربة استخباراتية”. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بعد الغارة “كما حذّرنا الحوثيين في اليمن (…) من يمدّ يده على إسرائيل تُقطع يده”.

ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر 2023، إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل، يطلق المتمردون الحوثيون صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة باتجاه الدولة العبرية بانتظام، كما يشنّون هجمات في البحر الأحمر على سفن تجارية يتّهمونها بالارتباط بإسرائيل. ويقول المتمردون اليمنيون إن هجماتهم تصبّ في إطار إسنادهم للفلسطينيين في غزة.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى