أخبار عدن

العبار..من سماء الوطن إلى جدار المطار .


العبار .
كما كنا نناديه ….
رجلٌ كان يعبر أجواء اليمن في دقائق، يقود مقاتلته Su-22M4، يملأ السماء هديرا، ويحمل على كتفيه رتبة عقيد طيار، أحد خريجي الاتحاد السوفيتي.
واليوم… رأيته يعبر الشارع على قدميه، يجر دراجته الهوائية وكأن الأرض ضاقت به، فحملها كما كان يحمل حلم وطن كامل.واليوم يجر خلفه. كومة من الخيبات والخذلان .
في شارع السجن التقيته صدفة. رجل أثقل الشيب رأسه، وأرهقت الأيام ملامحه. لكن ذاكرتي البصرية لم تخطئه كوني ارسم الوجوه وما تخفيه في أعماق الروح. عرفته فورا. وكانت الصدمة…
الأيام سرقت منه الكثير هيبته، حضوره، حتى ملبسه. لكنها عجزت أن تنتزع منه تلك الابتسامة التي ظلت راسخة، كزهرة في جبل غطاه الثلج.

لم أستطع أن أطيل الحديث معه وسط الزحام.

طلبت منه رقم هاتف، فلم يكن لديه….يا للمفارقة… رجل كان يخاطب العمليات المشتركة وسرب الطائرات في التشكيل بالجو ويطمئن وطنًا بأكمله أن سماءنا صافية، لا يملك اليوم وسيلة يطمئن بها صديقا واحدا .

سألته أين أجدك إن أردت لقاءك ؟
ابتسم وقال كل عصر، أجلس عند جدار سور المطار قرب المهبط اخزن بعض وريقات القات هناك تجدني….

كأنه لم يعد يجلس عند سور المطار فقط، بل عند سور الذاكرة كلها… يبكي أطلال وطن، وأطلال إنسان مات بداخله قهرٌ طويل.

إلى من يهمه الأمر.

ك. زكي يافعي عقيد مهندس جوي …

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى