اليمن في مرآة الشباب

جواهر حامد بن حيدرة
أحيانًا أشعر أنّ أصوات الشباب اليوم لا تصل إلى أحد، رغم أنّها تصرخ باليأس والخوف من مستقبل يزداد انقسامًا. وأكثر ما يؤلمنا هو أن نجد أنفسنا محاصرين داخل دائرة ضيّقة اسمها التعصّبات؛ دائرة تمزّق الصداقات، تزرع الكراهية بين الجيران، وتتسلّل حتى إلى قلب الأسرة.
فالأسرة، التي كان يُفترض أن تكون ملجأً للسكينة، صارت أحيانًا ساحة انقسام. ابن يناصر طرفًا، أب يتعصّب لآخر، وأم تحاول عبثًا جمع القلوب الممزقة. وهكذا يتسرّب الشرخ من الشارع إلى البيت، فيضعف الأساس الذي يقوم عليه المجتمع. لكن العلاج يبدأ من هنا أيضًا، من الأسرة التي تغرس في أطفالها قيمة الاحترام، من بيتٍ يعلّم الحوار قبل العصبية، ومن جيل يجرؤ على قول “كفى” للكراهية و ”نعم” للتسامح.
وإذا أردنا أن نحمي وطننا من سموم الانقسام، فعلينا أن نبدأ من الجذور؛ من البيت الذي ينتبه إلى كلماته فلا يزرع في أطفاله بذور الكراهية، بل يسقيهم لغة المحبة والاحترام. ومن المدرسة التي تُنقّى من أي إشارة تُثير التعصّب، لتغرس مكانها مفردات التعايش، التسامح، الاتحاد والولاء للوطن. وعندما تتربّى الأجيال على هذه القيم منذ نعومة أظفارها، فإنّ ثمارها ستزهر مستقبلًا في مجتمع متماسك، وقلوب أكثر رحمة، ووطن يتّسع للجميع.
فالتعايش ليس ترفًا، بل هو الطريق الوحيد لبناء وطن يضم الجميع. وإذا كان الانقسام قد سرق منّا سنين من العمر، فإن التسامح قادر على أن يعيد للقلوب نبضها، وللمجتمع وحدته. إنّ حلم الشباب اليوم ليس سلطة ولا حزبًا، بل وطن آمن يحتضن أبناءه جميعًا. ومن رحم الأسرة تبدأ الحكاية، ومن قلوب الشباب يُكتب الغد.
ودمتم في كنف الله سالمين ومؤيدين.



