الصين تتجه إلى تحقيق التوازن بين الصادرات والطلب المحلي

د.يوسف سعيد احمد
خلال الربع الأول من الألفية الثالثة بنت الصين نهضتها الاقتصادية في ظل العولمة اعتمادا على النمو المتسارع لقطاعها الصناعي الذي يقوم على التصدير مما جعلها تحقق فوائص تجارية ضخمه مع الدول الغربية المتقدمة مجتمعة لكن فائضها التجاري مع الولايات المتحدة كان هو الأضخم خلال سنوات الربع الاول من الألفية الثالثة حدث هذا على إثر تراجع الاقتصاد الحقيقي الأمريكي ونمو حجم القطاع المالي وفي نفس الوقت كان الاستهلاك الخاص في الصين ينمو بمعدلات متواضعة جدا بالمقارنة مع نمو متسارع للاستهلاك في الولايات المتحدة في حين الصينيون يحجمون عن الاستهلاك وبذلك كانت مطالبة الولايات المتحدة للصين بتعزيز طلبها المحلي لاستيعاب المزيد من الواردات على قدر كبير من الصحة.
اليوم استراتيجية النمو المعتمده على الصادرات في الصين استنفذت دورها بعد القفزات الاقتصادية التي تحققت ولم تعد من أولويات العملاق الاقتصادي الصيني المستقبلية .
فخطة التنمية الاقتصادية للأعوام 2026-2030 التي أقرتها اللجنة المركزي للحزب الشيوعي التي أنهت اعمالها الخميس الماضي23 اكتوبر 2025 وضعت السياسات اللازمة لخلق التوازن الدقيق للاقتصاد الصيني . التوازن بين الصادرات والطلب المحلي اذا تسعى الخطة الى تغير مصادر النمو من نمو يعتمد على القطاع الخارجي إلى نمو يقوم على الطلب المحلي عبر تشجيع الاستهلاك بحيث يؤمل ان يلعب الاستهلاك المحلي الدور الرئيس في تركيب الناتج المحلي الاجمالي الصيني في المستقبل.
وبذلك يخطط بخلق تحول جديد يكون الطلب المحلي رافدا للنمو الاقتصادي عوضا عن القطاع الخارجي يؤمن للصين نموا اقتصاديا سنويا متوازنا ومستداما و معقولا ايضا بدلا عن النمو المرتفع الذي جلبتة فوائض الميزان التجاري.
لكن تغير سلوك المستهلك الصيني ليس سهلا بعد عقود عمد المواطن الصيني على الادخار أكثر وتقليل الاستهلاك ربما لعدم توفر قدر من اليقين بشأن المستقبل .ولأن تغيير السلوك للميل للاستهلاك بشكل أكبر وتقليل الادخار لايمكن أن يتحقق عبر الاوامر الإدارية. ومع ذلك وضعت الخطة الاقتصادية الخمسية الأخيرة وهي الخامسة عشر للحكومة الصينية الاتجهات والحوافز التي يؤمل ان ترفع من نمو حجم انفاق المستهلك الصيني وتراهن النخبة الصينية على تحقيق هذا الهدف وبالارقام .
كما وضعت الصين التكنولوجيا والابتكار في قلب خطتها الخمسية. وربط قطاع التكنولوجيا بمافي ذلك الذكاء الاصطناعي بالعملية التعليمية في المدارس والجامعات .
الصين وعبر خطتها الاقتصادية حتى عام 2030 تتجه إلى الاعتماد الكامل على التكنولوجيا الدقيقة المنتجة محليا وقد قطعت شوطا في هذا الاتجاه لكن الطريق لن يكون أمامها
سهلا ايضا خاصة عندما يتعلق الأمر بصناعة المكونات المادية لصناعة الرقائق الإلكترونية الدقيقة الاكثر تقدما وبنفس مستوى وجودة رقائق السلكون الهولندية والأمريكية. ومع ذلك بينت الأبحاث التطبيقية والتقارير القليلة المنشورة في الفترة الأخيرة أن الصين نجحت في اعتماد الكربون بدلا عن السلكون في صناعة الرقائق الدقيقة وهذا يشكل اختراق علمي الصين وعبر ذلك تخطط الصين ان تصبح المساهم الأكبر في تطوير التكنولوجيا و الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي نهاية العام 2030.
في هذا السياق و خوفا من تقدم التنين في اقتحام قطاع التكنولوجيا المتقدمة نحو يقوض التنافس العالمي لصالحها تسارع الولايات المتحدة الخطى جنبا إلى جنب مع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها كلما أمكن على الاقتصاد الصيني
بهدف قطع الطريق عن الصين أو تقليل وابطاء وتيرة نجاحاتها
عبر عقد اتفاقيات تكنولوجية وعلمية لتعزيز التكامل والإنتاج المشترك في مجالات علمية وتكنولوجية ذات قدر كبير من الأهمية مع دول صديقة رائده تكنولوجيا في أوروبا ومع دول في ٱسيا والأخيرة مستفيدة من المشكلات القائمة بين الصين وجاراتها الناتجة عن خلافات ذات صلة بمشكلة الجزر في بحر الصين أو ما يرتبط بالخلافات الحدودية بين الصين وجارتها الهند وعلى الرغم من ذلك يبدو أن الصين تمضي قدما الى الامام وكل المؤشرات أن الصين أصبحت تتبوى موقعا اقتصاديا وتكنولوجيا مرموقاً أخذ بالتعاظم
على المستوى العالمي وتاسيسا على ذلك فإن الصين تتربع المستقبل .
26اكتوبر 2025



