شؤون محلية

صبر إستراتيجي أممي.. جهود عمانية لكسر جمود المسار السلمي باليمن


مسقط -عدن اوبزيرفر: برزت سلطنة عمان مجدّدا في خضم التدهور السريع في علاقات الأمم المتحدة بجماعة الحوثي، لا فقط كحاضنة لجهود البحث عن حل سلمي للصراع اليمني، ولكن أيضا كحامية لتلك الجهود من الانتكاس والتوقّف تأثرا بالأحداث العاصفة داخل اليمن وحوله ومن ضمنها موجة الاعتقالات التي استأنفتها الجماعة في صفوف موظفي المنظمات الدولية وعلى رأسها المنظمة الأممية على خلفية اتهامهم بالتجسس لمصلحة إسرائيل والولايات المتّحدة.

وتُظهر العقبات الكبيرة التي تواجهها جهود السلام في اليمن الحاجة الأكيدة إلى دور السلطنة لكسر جمود المسار السلمي الذي عبّرت عدّة أطراف عن تشاؤمها بشأنه بعد أن طرأ على الملف اليمني عامل تعقيد إضافي متمثّل في تفجير جماعة الحوثي خلال الفترة الماضية لصراع مسلّح ضد إسرائيل تحت يافطة مساندة الفلسطينيين وما استتبع ذلك من تحويلها البحر الأحمر من ممر بحري دولي إستراتيجي إلى بؤرة للتوتر وساحة للحرب.

وتبرز أهمية الدور العماني والحاجة الماسّة إليه دائما في المنعطفات الحرجة والمراحل الصعبة من الصراع اليمني.

مجرد إعادة خارطة الطريق إلى طاولة النقاش السياسي في خضم التعقيدات الحالية يعتبر نجاحا للدبلوماسية العمانية

وكشف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ عن إجراء مباحثات في مسقط حول جهود التسوية السياسية في اليمن وملف المختطفين الأمميين لدى جماعة الحوثي.

وجاء في بيان لمكتب غروندبرغ أنّ الأخير أجرى بمعية معين شريم، المسؤول الأممي المكلف حديثا بقيادة ملف المحتجزين الأمميين في صنعاء، زيارة إلى العاصمة العمانية مسقط لعقد لقاءات مع مسؤولين عمانيين وممثلين عن جماعة الحوثي، واضعا هذا الحراك في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل ضمان الإفراج عن جميع موظفيها.

كما كشف البيان عن إجراء مناقشات مع كبار المسؤولين العمانيين وفريق التفاوض التابع للحوثيين حول سبل التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية من أجل إنهاء النزاع في اليمن.

وتعوّل القوى الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي تعتبر الطرف الأكثر حرصا على إنجاح جهود السلام في اليمن، على الخبرة التي راكمتها الدبلوماسية العمانية في معالجة الملف اليمني، وكذلك احتفاظ السلطنة بعلاقات وثيقة مع أبرز الفاعلين في ذلك الملف، بمن في ذلك الحوثيون وداعمتهم إيران، لانتشال المسار السلمي من الانهيار بعد أن كان قد حقّق تقدّما طفيفا تمثّل في وضع خارطة طريق لتفاهمات بشأن الجوانب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية ممهّدة للدخول في ترتيبات عسكرية وسياسية أكثر جدّية.

وتشارك الولايات المتّحدة ومنظمة الأمم المتّحدة السعوديةَ تطلعها إلى أن تلعب عُمان، بما لها من علاقات مع طهران وصنعاء، دورا في لجم جموح الحوثيين والدفع نحو تهدئة الأوضاع في اليمن وتهيئة الأرضية لإطلاق مسار سلمي في البلد، بدا للحظة أنّه يبتعد ويتوارى تحت ركام الأحداث المتسارعة والتعقيدات الطارئة.

ورغم تراكم التعقيدات والمشاكل في طريق المسار المذكور يبدو أن عمان نجحت مجدّدا في إحياء النقاش بشأن خارطة الطريق التي غاب الحديث عنها لفترة طويلة نسبيا.

وقالت جماعة الحوثي إنها بحثت في مسقط مع المبعوث الأممي تفاصيل الخارطة. وأوضح رئيس الوفد التفاوضي للحوثيين محمد عبدالسلام أنّ وفده لفت النظر إلى ضرورة استئناف العمل على تنفيذ ما تضمنته تلك الخارطة، وفي مقدمتها الاستحقاقات الإنسانية، معتبرا أنّه لا يوجد أي مبرر للاستمرار في ما سماه “المماطلة” بشأنها.

وبشأن ملف المعتقلين الأمميين، عبرت الجماعة عن استعدادها للقبول بحلول وصفتها بالعادلة والمنصفة لقضية هؤلاء الموظفين المحتجزين لديها والذين يبلغ عددهم 59 موظفًا.

وقال عبدالسلام خلال لقائه مع غروندبرغ بحضور معين شريم أنّ جماعته حريصة على استمرار التنسيق بما يسمح بمواصلة المنظمات عملها الإنساني وفق المهام المنوطة بها وعدم تكرار ما حدث.

العقبات الكبيرة التي تواجهها جهود السلام في اليمن تُظهر الحاجة الأكيدة إلى دور السلطنة لكسر جمود المسار السلمي الذي عبّرت عدّة أطراف عن تشاؤمها بشأنه

كما دافع رئيس الوفد الحوثي عن مبررات اعتقال هؤلاء الموظفين الأمميين والمتمثلة في أن لديهم معلومات تثبت تورطهم في أنشطة تجسسية تحت غطاء العمل الإنساني.

ويعتبر لقاء مسقط الأخير أول نشاط رسمي لمعين شريم بشأن ملف المعتقلين بعد أن أعلنت الأمم المتحدة قبل نحو أسبوع عن تكليف الرجل الذي شغل في السابق منصب نائب المبعوث الأممي إلى اليمن بالعمل على إطلاق سراحهم.

ودشّن الحوثيون منذ أغسطس الماضي حملة اعتقالات ضد موظفي الأمم المتحدة ومنظمات دولية، حيث قامت قواتهم خلالها باقتحام مقرات المنظمة في صنعاء واقتياد عدد من موظفيها إلى مراكز التحقيق بشأن انخراطهم المزعوم في عمليات تجسس لمصلحة قوى خارجية.

ويمثل تجدّد الحراك الأممي على محور التهدئة والسلام في اليمن انعكاسا لإصرار جهات إقليمية ودولية على مواصلة الجهود السلمية رغم التعقيدات الكبيرة التي طرأت عل ذلك المسار الشاق والمعقّد مع انخراط جماعة الحوثي في استهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر تحت شعار دعم قطاع غزة في الحرب الإسرائيلية ضدّه، وانخراطها بالنتيجة في صراع ضد الدولة العبرية.

وسبق لسلطنة عمان أن قامت بدور مفصلي في جَسر الهوّة بين السعودية والحوثيين، وصولا إلى الجمع بين ممثلين عن كليهما في اجتماعات جرت في كلّ من صنعاء والرياض، كما أنّ السلطنة مرشّحة الآن للعب دور في تحريك جمود المسار السلمي.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى