شؤون محلية

الحوثيون ينسحبون من معركة إسناد غزة تحت تأثير أزمة داخلية حادّة




صنعاء – عدن اوبزيرفر: وجهت جماعة الحوثي المسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء وأجزاء واسعة في اليمن رسالة إلى كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية تعلمها فيها بوقف الهجمات على إسرائيل وعلى السفن في البحر الأحمر.

واعتمدت الجماعة في تبرير قرارها على وقف إطلاق النار الهش القائم في قطاع غزة، لكنّ متابعين للشأن اليمني قالوا إن محتوى الرسالة يرتقي إلى مستوى إعلان عن الانسحاب من المعركة التي دخلها الحوثيون المدعومون من إيران تحت يافطة “الجهاد” نصرة للقطاع وسكانه، وذلك تحت تأثير أزمة اقتصادية واجتماعية داخلية خانقة تضرب مناطق سيطرتهم وتضعف قدرتهم على إدارة شؤونها والنهوض بأعباء سكانها والاستجابة لمتطلباتهم الأساسية من مواد ضرورية وخدمات.

ورأى هؤلاء المتابعون أن القرار الحوثي جاء أيضا استباقا لموجة تصعيد إسرائيلية محتملة ضدّ الجماعة على غرار ما تقوم به الدولة العبرية في لبنان حيث عادت لفتح المواجهة من جانب واحد ضدّ حزب الله وكثفت ضرباتها العسكرية لما تعتبره أهدافا تابعة له بمجرّد أن فرغت قواتها من القتال في غزّة.


وتأخذ جماعة الحوثي على مأخذ الجدّ تهديدات تل أبيب لها خصوصا وأنّ الجماعة خبرت في أكثر من مناسبة شدّة الضربات الإسرائيلية لها والتي أودت بحياة مسؤولين كبار تابعين لها في مقدمتهم رئيس حكومتها أحمد الرهوي ورئيس أركان قواتها عبدالكريم الغماري.

كما أحدثت الضربات الإسرائيلية دمارا هائلا في منشآت هامّة ومرافق مدنية حيوية يستخدمها الحوثيون في إدارة مناطق سيطرتهم من بينها مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة الواقع على البحر الأحمر غربي البلاد.

ولا يبدو وضع إيران الحليفة للحوثيين غائبا عن خلفية رسالة التهدئة التي وجهتها الجماعة التي ترصد المصاعب الكبيرة التي يواجهها الإيرانيون والضغوط الدولية الكبيرة عليهم والمصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي يتخبطون فيها، الأمر الذي يرجّح عدم قدرة طهران على مواصلة إمداد الجماعة بالسلاح وإسنادها بالخبرات التقنية والقتالية كما كانت عليه الحال من قبل، وخاصة أن حركة تهريب الأسلحة أصبحت تحت مجهر ملاحظة الولايات المتحدة وحلفائها أكثر من أي وقت مضى وسببا في تسليط المزيد من العقوبات على إيران وتشديدها.

وعلى هذه الخلفية يخشى الحوثيون أن يُتركوا لمصيرهم بمواجهة أزمتهم الداخلية المتفاقمة وعرضة للضغوط العسكرية الإسرائيلية التي تُتوقّع عودتها من حين إلى آخر، خصوصا إذا تعرّضت الدولة العبرية لأي استهداف من قبل الجماعة بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية على غرار ما جرى خلال السنتين الماضيتين.

وقدمت الرسالة، التي تم نشرها الاثنين، أوضح مؤشر حتى الآن على وقف هجمات الحوثيين على أهداف في الداخل الإسرائيلي وتعرضهم لخطوط الملاحة في البحر الأحمر.

وجاء في الرسالة أن الحوثيين يتابعون التطورات عن كثب، وأنهم سوف يعودون إلى عملياتهم في عمق إسرائيل إذا استأنفت عدوانها على غزة، إلى جانب فرض حظر على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وبحر العرب.

ويبدو أن الجماعة المحرجة من قرارها آثرت عدم الإعلان عنه بشكل رسمي والاختباء وراء الرسالة حيث لم يصدر عن الحوثيين أي إعلان رسمي يؤكد وقف حملتهم في المنطقة.

واكتسب الحوثيون شهرة دولية خلال الحرب بين إسرائيل وحماس بهجماتهم على السفن وإسرائيل، والتي قالوا إنها تهدف إلى إجبار إسرائيل على وقف القتال.

ومنذ بدء وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر الماضي، لم تعلن الجماعة مسؤوليتها عن أي هجمات جديدة.

وأسفرت هجمات الحوثيين على السفن عن مقتل تسعة بحارة، على الأقل، وإغراق أربع سفن، كما زعزعت حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي كانت تمر عبره بضائع تقدر قيمتها بنحو تريليون دولار سنويا قبل الحرب.



واستهدف آخر هجوم للحوثيين سفينة الشحن مينرفاجراخت التي ترفع العلم الهولندي في 29 سبتمبر الماضي، ما أسفر عن مقتل أحد أفراد طاقمها وإصابة آخر.

وفي مقابل التهدئة مع إسرائيل وجه الحوثيون خطابهم التصعيدي صوب المملكة العربية السعودية مدعين انخراطها في أعمال تجسس ضدّهم كما احتجزوا العشرات من العاملين لدى وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى، زاعمين دون دليل أنهم جواسيس، وهو أمر نفته الأمم المتحدة وجهات أخرى بشدة.

ولم تكن سياسة الجماعة وانخراطها في الصراعات من دون تأثير على الأوضاع في مناطق سيطرتها وأحوال سكانها الذين يواجهون مصاعب حياتية معقدة جراء سوء الخدمات وانعدامها في الكثير من الأحيان وندرة المواد الأساسية وغلاء أسعارها جنبا إلى جنب مع تفشي الفقر والبطالة.

وتتحدث تقارير دولية وأممية عن تضرر شديد في سلاسل الإمداد في الموانئ اليمنية الواقعة على البحر الأحمر، وخصوصا ميناء الحديدة، بفعل استهدافها المتكرر بغارات جوية إسرائيلية إضافة إلى تشديد إجراءات التفتيش والشحن ما أدى إلى تعطّل دخول السفن التجارية وتراجع واردات المواد الغذائية.

كما كلف الصراع الذي فجّرته جماعة الحوثي ضدّ الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية على وجه العموم خسارة جزء كبير من الخدمات الحيوية والمساعدات المنقذة للحياة التي كانت تلك المنظمات تقدمها لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وبسبب شيوع مناخ غير آمن لموظفي تلك المنظمات في مناطق الحوثي قررت منظمتا الصحة العالمية والأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، مؤخرا، وقف الدعم الصحي لنحو ثلثي المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة، ما يعني إغلاق أكثر من ألفي وحدة صحية واثنين وسبعين مستشفى، إلى جانب توقف إمدادات الوقود والأكسجين والأدوية والمحاليل الطبية، وتعليق برامج التغذية العلاجية لمئات الآلاف من الأطفال والنساء، إضافة إلى تعطيل برامج مكافحة الأوبئة، بحسب بيان لجماعة الحوثي نفسها.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى