“حرب التنازلات”.. خطة ترامب تضع زيلينسكي أمام 3 طرق شائكة

عدن اوبزيرفر:في لحظة بدت وكأنها اختبار جديد لقدرة كييف على المناورة في حرب تُستنزف فيها الأعصاب قبل الذخيرة، ظهرت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذات الـ 28 بندًا لتخلط أوراق الصراع من جديد.
الخطة لا تفرض وقائع ميدانية فقط، بل تُلقي بثقلها على مستقبل النظام السياسي الأوكراني، وتضع القيادة في مواجهة سؤال جوهري، كيف ترد كييف على تسوية قد تُنهي الحرب، لكنها قد تُكلّفها تنازلات صعبة؟.
ووفقا للمراقبين، تقف أوكرانيا اليوم أمام 3 مسارات متشابكة، الأول هو الرفض الكامل للخطة، وهو خيار يعني استمرار الاستنزاف على الجبهات وتراجع القدرة على حماية ما تبقى من الأرض.
أما المسار الثاني فيتمثل في القبول الجزئي عبر تعديل البنود الأكثر حساسية، خاصة تلك المرتبطة بوضع مناطق الدونباس ومستقبل الانضمام إلى الناتو، وهو الخيار الذي يراه كثيرون الأكثر واقعية إذا أرادت كييف وقف الحرب دون خسارة سيادتها.
أما المسار الثالث، هو القبول الكامل، فيبقى شبه مستحيل سياسيًا وعسكريًا، نظرًا لما يتضمنه من تنازلات لا يمكن للرئيس الأوكراني تحمل تبعاتها داخليًا.
تعديل البنود المثيرة للجدل
وفي هذا الإطار، قال رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، الدكتور عماد أبو الرب، إن خيارات أوكرانيا بشأن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، المكونة من 28 بندًا، تدور حول 3 سيناريوهات رئيسة.
وأكد لـ”إرم نيوز” أن القبول الكامل للخطة غير وارد، بينما سيقود الرفض الشامل إلى استنزاف جميع الأطراف، في حين يبقى تعديل البنود المطروحة الخيار الأكثر واقعية لتحقيق تسوية طويلة الأمد.
وقف الهجمات المتبادلة
وأشار أبو الرب إلى أن بعض البنود يمكن التوافق حولها، كالتعامل مع الواقع القائم لسيطرة روسيا على بعض المناطق من دون الاعتراف بها رسميًا، ووقف الهجمات المتبادلة، وعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.
وشدد في المقابل على استحالة التنازل عن مناطق حساسة في الدونباس مثل كراماتورسك وسيفيرودونتسك، باعتبارها أراضي أوكرانية لا يسمح الدستور بالتفريط فيها.
وأضاف أبو الرب أن المناطق التي تسيطر عليها روسيا في الشرق قد تخضع لإدارة روسية مؤقتة مع بقائها تحت السيادة الأوكرانية، على أن يُتفق لاحقًا على شكل الإدارة الجديدة.
ولفت إلى أن وقف الحرب يجب أن يتم عند خطوط التماس، مع توفير ضمانات تمنع تجدد القتال مستقبلًا، مشددًا على أن وجود قوات أجنبية داخل أوكرانيا لم يكن مطروحًا، وأن ما جرى هو الاستعانة بخبراء ومتطوعين يعملون تحت إشراف وزارة الدفاع الأوكرانية.
كما قال إن الهدف الحقيقي لخطة ترامب هو تحريك الدبلوماسية وفتح قنوات التفاوض بين الأطراف، وليس فرض تسوية على أوكرانيا، بل دفع الجميع إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار وترك التفاصيل لطاولة المباحثات.
من جانبه، قال المحاضر في العلوم السياسية والباحث في مركز البحوث العلمية التطبيقية والاستشارية في موسكو الدكتور ميرزاد حاجم، إن المرحلة الحالية تكشف كثيرًا من الحقائق التي كانت مخفية أو مؤجلة.
اتهامات أوكرانية لروسيا
وأضاف حاجم، في حديث لـ”إرم نيوز” أن الاتهامات الأوكرانية المتكررة لروسيا بعدم الرغبة في السلام تتراجع أمام وجود خطة أمريكية مدعومة بضمانات، معتبرًا أن رفض هذه الخطة داخل أوكرانيا يعكس ــ وفق وصفه ــ ذهنية فاشية لدى من يسعون لإطالة أمد الحرب.
وأشار إلى أن خيارات أوكرانيا محدودة سواء على مستوى القيادة أو السياسات، لافتًا إلى أن الشعب الأوكراني يميل إلى إنهاء الحرب، بينما يستمر بعض المستفيدين من الصراع في تعطيل أي مسار للتهدئة.
وأضاف حاجم، أن استمرار النزاع يدفع البلاد نحو خسائر جديدة، سواء على مستوى الجغرافيا أو الأمن القومي.
وأكد أن الطريق الأقصر لإنهاء الحرب هو العودة إلى طاولة المفاوضات، في وقت يرى فيه أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي يفضل الحفاظ على ما وصفه بـ”الإمبراطورية المالية” التي تشكلت عبر الدعم الأوروبي، إلى جانب رغبته في البقاء في السلطة.
واعتبر حاجم أن أوروبا لا تملك إلا خيار القبول بخطة ترامب، محذرًا من خسائر إضافية ستتكبدها في حال تأخر التوصل إلى حل.
وأشار إلى أن القادة الأوروبيين يدركون ذلك جيدًا، وكذلك الإدارة الأمريكية، لكن استمرار المصالح الشخصية لبعض الأطراف يطيل أمد الحرب، مؤكدًا أن انتهاء القتال سيُظهر هذه الحقائق للعالم بوضوح. ارم



