شؤون محلية

بغطاء رسمي.. تمرد إخواني على قرارات الرئاسي في المهرة


بغطاء رسمي.. تمرد إخواني على قرارات الرئاسي في المهرة

عدن اوبزيرفر/ غرفة الأخبار:
تعيش محافظة المهرة واحدة من أكثر لحظاتها حساسية منذ سنوات، بعدما أعادت السلطة المحلية تشغيل ميناء نشطون من تلقاء نفسها، متجاهلة قرارًا رئاسيًا صدر مطلع نوفمبر بإغلاقه مؤقتًا ضمن مسار الإصلاحات الاقتصادية. الخطوة لم تُقرأ كتصرف إداري منفصل، بل كتحرك سياسي منسق تقوده خلية مسقط المحسوبة على حزب الإصلاح (إخوان اليمن)، والتي عززت حضورها داخل المحافظة بصورة لافتة خلال الأشهر الماضية.

الميناء الذي ظل يعمل لفترات طويلة بترتيبات خارج إطار المؤسسات الرسمية، ارتبط اسمه بشبكات تهريب متعددة الاتجاهات. وبحسب مصادر أمنية واقتصادية، استخدمته مجموعات مرتبطة بميليشيا الحوثي كممر بديل بعد تضييق الخناق عليها في المنافذ الشرقية والغربية. ومع بدء الحكومة حملة لضبط الإيرادات وإغلاق منافذ العبث المالي، ظهر تحدٍ واضح داخل المهرة تقوده الأطراف التي راكمت نفوذها من الوضع السابق.

مصادر محلية أكدت أن السلطة في المهرة دفعت نحو تشغيل الميناء بطريقة منفردة من خلال تعليمات غير معلنة، رغم أن قرار الإغلاق صادر من أعلى سلطة تنفيذية في البلاد. وتشير المعلومات إلى أن الميناء يعمل الآن خارج المنظومة الجمركية، وأن مصلحة الجمارك رفعت مذكرة عاجلة إلى الحكومة لإبلاغها بعملية التشغيل غير القانونية.

التحرك لم يكن خطوة معزولة فقد سبق أن أصدر محافظ المهرة قرارًا بتشكيل لجنة لتحصيل إيرادات منفذ شحن البري وتوريدها إلى حسابات تابعة للسلطة المحلية، في تجاوز مباشر لقرار المجلس رقم (11) الذي يفرض توريد جميع الإيرادات إلى حساب الحكومة في البنك المركزي. هذه الإجراءات دفعت الحكومة إلى رفع مذكرة لمجلس القيادة الرئاسي تطالب بإيقاف ما وصفته بـ”الانفلات الإداري” والتحركات الأحادية في المحافظة.

ورغم أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي شدد على التزام جميع المحافظات بخطة الإصلاحات وتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي، إلا أن سلطة المهرة وضعت شرطًا واضحًا: تشغيل ميناء نشطون أولًا. هذا الربط، بحسب مراقبين، يكشف طبيعة الصراع في المحافظة، حيث يتحول الميناء إلى محور نزاع سياسي واقتصادي تستخدمه خلية مسقط لتعزيز موقعها على حساب مؤسسات الدولة.

في ظل هذه المواجهة، سارعت لجنة الاعتصام السلمي في المهرة – المرتبطة سياسيًا بجماعة الإخوان – إلى دخول المشهد لتضفي غطاءً شعبيًا على قرار إعادة تشغيل الميناء. اللجنة عقدت اجتماعًا رسميًا مع قيادة المحافظة، وأعلنت أن استمرار نشاط الميناء”ضرورة خدمية واقتصادية”، متجاهلة القرار الرئاسي المُلزم بإيقافه.

حضر الاجتماع شخصيات من الدائرة الأمنية للجنة، بينها مسلم رعفيت والناطق الرسمي علي مبارك محامد، في محاولة لإظهار موقف موحد مع المحافظ. هذا التناغم بين اللجنة والسلطة المحلية يتعامل معه مراقبون كجزء من بنية نفوذ واسعة تديرها خلية مسقط داخل المحافظة، وتعمل على تثبيت سيطرتها على المفاصل الحيوية، خصوصًا الميناء الذي شكّل عبر سنوات بوابة لتحركات مالية وتجارية بعيدة عن رقابة الدولة.

تصريحات اللجنة حول “دعم الأجهزة الأمنية وتوحيد الصف الداخلي” جاءت في لحظة سياسية حساسة، وبدت أقرب لرسالة سياسية تُراد منها شرعنة خطوات المحافظ، ومنحها غطاءً اجتماعيًا يمنع تدخل الحكومة. أما الحديث عن “خصوصية المهرة” في سياق الإصلاحات الاقتصادية، فيُقرأ كتوجه لرفض توريد الإيرادات إلى البنك المركزي والاستفراد بالمنافذ الخدمية لصالح الأطراف المسيطرة على القرار المحلي.

ما يجري في ميناء نشطون أصبح مؤشرًا على مسار أوسع تتحرك فيه جماعة الإخوان عبر خلية مسقط لتعزيز سيطرتها في المهرة من خلال أدوات داخل السلطة المحلية. فالمعطيات المتداولة لا تشير إلى خلاف مالي أو إداري عابر، بل إلى مشروع نفوذ يستند إلى مصالح مرتبطة بطرق التهريب وعلاقات ممتدة مع شبكات عابرة للمحافظة، بعضها يخدم الحوثيين بصورة مباشرة.

الحكومة تحاول، من جهتها، فرض برنامج إصلاح اقتصادي يستهدف وقف نزيف الإيرادات وضبط المنافذ، بينما تدفع خلية مسقط باتجاه إنشاء واقع موازٍ يجعل المهرة خارج بنية الدولة، ويُبقي القرار في الميناء بيد جهات محلية تتصرف وفق أجندات لا تقف عند حدود المحافظة أو حتى حدود اليمن.

بهذه التطورات، يتحول ملف ميناء نشطون إلى ساحة صراع مفتوحة، ويبدو أن قدرة الحكومة على استعادة السيطرة ستظل مرتبطة بمدى استعدادها لمواجهة النفوذ المتنامي للجماعة في المهرة، حيث تعمل خلية مسقط على إعادة تشكيل المشهد بما يخدم خطًا سياسيًا يتجاوز سلطة الدولة ويكرس وجودًا موازيًا يصعب تجاهله.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى