قرصنة في باب المندب تهدّد مسار تعافي حركة الملاحة في البحر الأحمر

مطاردة سفينة شحن بقوارب خفيفة وتبادل إطلاق النار بين قراصنة وطاقم الحماية.
عودة المخاوف على سلامة السفن وأطقمها
المخا -عدن اوبزيرفر: حملت عملية قرصنة بحرية تعرضت لها سفينة في مضيق باب المندب الاستراتيجي بجنوب غرب اليمن والواصل بين البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي ملامح تهديد جديد لحركة الملاحة الدولية في تلك المنطقة بعد ما عانته على مدى العامين الماضيين من اضطراب جرّاء تعرّض جماعة الحوثي الموالية لإيران للسفن التجارية بدعوى مناصرة قطاع غزّة في الحرب الإسرائيلية ضدّه.
وجاءت العملية التي أعلن عنها مركز عمليات التجارة البحرية البريطانية وتمثّلت في تعرض سفينة كانت تعبر المضيق الجمعة لهجوم من قبل قراصنة قاموا بمطاردتها بقوارب صغيرة وتبادلوا إطلاق النار مع عناصر حمايتها، معاكسة للآمال التي لاحت مؤخّرا باستئناف النشاط الاعتيادي للملاحة في المضيق والبحر الأحمر وخليج عدن بعد أن أوقف الحوثيون هجماتهم على السفن إثر إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.
ويبدو تهديد عودة القرصنة البحرية إلى المنطقة جديا بعد أن سجل مؤخرا عودة القراصنة إلى ممارسة أنشطتهم قبالة سواحل الصومال إثر انقطاع دام لسنوات بسبب جهود إقليمية ودولية كبيرة تمكّنت من التغلب على تلك الأنشطة الخطرة على حركة التجارة البحرية ووقفها بعد أن شاعت وتكثفت خلال سنوات العقد الأول من القرن الحالي.
وقالت شركة الأمن الخاصة “ديابلوس جروب” أن السفينة تعرضت للهجوم مرتين، وأن الحراس المسلحين على متنها ردوا بإطلاق النار. وأضافت أن الطاقم بخير، مؤكدة أن السفينة المستهدفة هي ناقلة بضائع.
ويفصل مضيق باب المندب أيضا بين سواحل القارة الأفريقية وشبه الجزيرة العربية.
وكان قراصنة صعدوا الشهر الماضي على متن ناقلة ترفع علم مالطا قبالة سواحل الصومال، ما أثار مخاوف على ممرات الشحن في منطقة تعبر من خلالها شحنات الطاقة والسلع بالغة الأهمية إلى الأسواق العالمية.
ويعود آخر حادث للقرصنة في تلك المنطقة إلى شهر مايو 2024، عندما صعد قراصنة على متن سفينة ترفع علم ليبيريا على بعد نحو 380 ميلا بحريا شرقي العاصمة الصومالية مقديشو. وأنقذت القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي لاحقا الطاقم الذي كان يضم 17 فردا بعد نزولهم باستخدام حبال من على متن السفينة. وقبل ذلك وفي ديسمبر 2023، اختطف مهاجمون سفينة ترفع علم مالطا إلى الساحل الصومالي قبل أن تُحرر القوات البحرية الهندية طاقمها وتلقي القبض على المهاجمين.
وشهدت السنوات القليلة الماضية هدوءا نسبيا في حوادث القراصنة الصوماليين، بعد أن كانت تُشكل تهديدا كبيرا في منطقة خليج عدن والمحيط الهندي.
وشكلت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران تهديدا أكبر للشحن البحري عبر البحر الأحمر منذ أن شنت لأول مرة هجمات على السفن التجارية في نوفمبر 2023 تضامنا مع الفلسطينيين بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.
ووافق الحوثيون على هدنة لا يستهدفون فيها السفن المرتبطة بالولايات المتحدة، إلا أن بعض شركات الشحن لا تزال حذرة من استئناف الرحلات عبر تلك المنطقة.
ومع ذلك الحذر لاحت مؤخرا آمال باستئناف كبريات شركات النقل البحري العالمية لرحلات سفنها وناقلاتها عبر باب المندب بعد أن أرهقتها الرحلات الطويلة غربي القارة الأفريقية والتي تتطلب مصاريف إضافية وتستغرق وقتا أطول.
قال فينسنت كليرك الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك في وقت سابق إن الشركة ستتخذ خطوات نحو استئناف الإبحار عبر البحر الأحمر مرورا بقناة السويس المصرية بمجرد أن تسمح الظروف بذلك.
وذكرت هيئة قناة السويس من جهتها في بيان “بدء عودة سفن الحاويات التابعة للمجموعة ميرسك للعبور من قناة السويس اعتبارا من مطلع شهر ديسمبر الجاري تمهيدا للعودة الكاملة”، لكن متحدثا باسم ميرسك نفى تحديد الشركة موعدا في هذا الصدد.
ومن شأن عودة ميرسك المحتملة إلى باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس أن تؤثّر إيجابا على قطاع الشحن البحري الذي شهد ارتفاعا في رسوم النقل بسبب اضطراب حركة الملاحة في المنطقة جراء الصراعات في الإقليم والهجمات على السفن التجارية.
وكانت ميرسك قد بدأت بتحويل مسار سفنها بعيدا عن خليج عدن والبحر الأحمر نحو الطرف الجنوبي من أفريقيا في يناير 2024 بعد هجوم على إحدى سفنها شنه المسلحون الحوثيون في اليمن.
وذكر كليرك أن شركة الشحن البحري الكبرى متفائلة إزاء عملية السلام في غزة والتي من شأنها أن ترسخ حرية الملاحة في مضيق باب المندب.
وقال “نظرا للتقدم الكبير المحرز في كل من غزة وباب المندب، ستتخذ ميرسك خطوات لاستئناف الملاحة في الممر الشرقي الغربي عبر قناة السويس والبحر الأحمر، وتطبيع حركة النقل بمرور الوقت”.
وأضاف أن ميرسك ستستأنف الملاحة عبر البحر الأحمر “بمجرد أن تسمح الظروف بذلك، مع إعطاء الأولوية لسلامة أطقم السفن”.



