كتاب عدن

ما الفرق؟! سؤال بريء، أم فضيحة سياسية؟


علي سقيلي:
يا سادة، يا كرام، يا من تُدندن آذاننا بشعار “شعب واحد.، مصير واحد.. هدف واحد”، تعالوا نسأل سؤالًا بريئًا بسيطًا، لا يحتاج لجنة تحقيق ولا شيخ زريبة، يشبه العديني يبتّ فيه:

“ما الفرق بين أن يكون الوادي فيه جنود حضارم، أو جنود من الشمال؟
ليش تزعلوا؟ ما دمنا شعب واحد، بحسب هواكم؟”

سؤال بسيط، لكن إجابته تكشف نصف السياسة اليمنية القذرة، والنصف الآخر من عقدها النفسية.

أولًا: إذا كنا شعبًا واحدًا، لماذا يصر بعضكم على أن يكون الجيش في وادي حضرموت من طرف شمالي واحد؟

يعني، نحن شعب واحد عندما نريد أصوات الجنوب، وشعب واحد عندما نريد قوات الجنوب تقاتل في نهم والجوف وصرواح، لكن فجأة، نصبح “شعبين” بمجرد دخول جندي جنوبي إلى وادي حضرموت الجنوبي!

الجنوب بالنسبة للبعض ليس “شعبًا واحدًا”، بل “شعبًا عند الطلب”:
نحتاجكم اليوم.
انتهت الحاجة؟ خلاص، نرجع “شعبين” إلى إشعار آخر.

وهنا السؤال الذي يخجل الجميع من الإجابة عنه:
لو كان الجندي الشمالي في الوادي طبيعي، لكن الجنوبي ممنوع، فأين هي الوحدة التي تتغنون بها يا أوسخ ما خلق ربي؟

ثانيًا: ما الفرق بين جندي حضرمي وجندي شمالي؟

في الواقع، الفرق ليس في البدلة العسكرية، ولا في الكتف الذي يحمل الرُتبة، ولا في الخوذة.
الفرق الحقيقي عند البعض هو:
من يضمن أن هذا الجندي لا يطالب بحقوقه؟
من يضمن أنه لا ينتمي لمشروع غير الذي نريده؟
من يضمن أنه ليس “جنوبيًا” داخل أرض يعلم الجميع أنها تُدار بعقلية “لا يحق لكم الاقتراب”؟

بمعنى آخر..
زعلكم ليس من الجندي نفسه، بل من هويته.
زعلكم ليس من البندقية، بل من الجهة التي ينتمي إليها حامل البندقية.
زعلكم ليس من وجود قوات، بل من وجود قوات جنوبية تحديدًا.

يعني المشكلة ليست في “العسكر”، بل في “العُقد”.

ثالثًا: إذا كان الشماليون إخوانكم… فلماذا لا يكون الحضارم كذلك؟

تصرخون ليلًا ونهارًا:

“حضرموت جزء من الدولة”

“حضرموت للجميع”

“حضرموت ليست ملكًا لمجموعة”

طيب… جميل.
لماذا لا تقولون الجملة نفسها عندما يتعلق الأمر بقوات شمالية في حضرموت؟
لماذا تصمتون عندما يتربع الشمال هناك منذ 30 سنة دون منازع؟
لكن عندما يطالب الحضارم أنفسهم أن يكون أمن أرضهم بأيديهم، فجأة تصبحون خبراء في “الوحدة” و”المصير المشترك” والدين والعصمة؟

المضحك المبكي أن من يعترضون على وجود قوات حضرمية في حضرموت، يقبلون دون اعتراض وجود قوات شمالية في المهرة.
يا شلافبت، هذه ليست وحدة. هذه فوضى تبريرية، لا تبيع إلا شعارًا وتخفي دولة داخل الدولة.

رابعًا: إذا كنا شعبًا واحدًا، لماذا لا نمارس الوحدة بالتساوي؟

الوحدة ليست لافتة تُرفع عند الحاجة، ولا “كرت شحن” ينتهي بمجرد انتهاء المعركة.
الوحدة الحقيقية تُقاس بمبدأ بسيط للغاية:
من حق كل مواطن أن يكون موجودًا في أي منطقة، طالما هو جزء من الدولة، ولطالما أن الأحق فيها هو الجنوبي نفسه لا شريك له.

لكنكم تريدون “وحدة انتقائية”:

الجنوب يقاتل معكم في كل الجبهات، ويحرركم وكأنكم محسوبين على القواعد من النساء.

لكن لا يحق له أن يدير أرضه، ولا أرض غيره، ولا حتى يتنفس خارج الإطار المرسوم له.

هذا ليس شعبًا واحدًا، يا أوغاد.
هذا شعب يُعامل كالضيف غير المرحّب به داخل بيته.

خامسًا: المسألة ليست “ما الفرق؟” بل “من له الحق؟”

الفرق يا سادة ليس بين جندي حضرمي وجندي شمالي.
الفرق الحقيقي هو:
هل أبناء حضرموت لهم حق إدارة أمنهم؟
أم أن هذا الحق ليس لهم، بل يُمنح ويُسحب حسب مزاج العليمي ومن لف لفه، فوق الطاولة وتحتها؟

إن وجود قوات حضرمية في الوادي يعني:
أن حضرموت بدأت تقف.
وجود قوات شمالية في الوادي يعني:
أن حضرموت تُدار من بعيد، وخلفها مكشوف في حال دخلنا معكم في حرب على الحوثي

وهذا هو جوهر المشكلة، والبعض لا يريد الاعتراف به.

أخيرًا، من يزعل من وجود حضارم في وادي حضرموت، لكنه لا يزعل من وجود شماليين في وادي حضرموت، هو ليس “وحدويًا” بل “انتقائيًا”.

وما دمنا شعبًا واحدًا، كما يردد السفلة من نخبكم، فلتعتبروا وجود جندي حضرمي في أرض حضرمية أمرًا طبيعيًا — على الأقل بنفس الطبيعية التي تتقبلون فيها وجود جندي من محافظات أخرى.

أما إن كانت “الوحدة” بالنسبة لكم شعارًا لا ينطبق إلا حين يخدم مصالحكم، فدعونا نكون صريحين:
هذه ليست وحدة، هذا استغلال سياسي بشع يتخفّى تحت شعار الوحدة.

ويا ليت الشعار الأخير الذي ترفعونه — قبل أن يختفي الحياء السياسي تمامًا — يكون:

“نحن شعب واحد، ما دام الجنوب بعيدًا عن حضرموت.”

لعنتي على شرفكم

علي سيقلي

الخميس 11 ديسمبر 2025م

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى