موسى المليكي.. صحفي في مرمى الاستهداف بسبب معاركه المفتوحة مع الفساد في تعز

تعز – تقرير خاص
على مدى أكثر من عقدين، ظلّ الصحفي موسى المليكي واحدًا من الأصوات الصحفية القليلة التي اختارت السير في أكثر الطرق وعورة، واضعًا قلمه في مواجهة مباشرة مع شبكات الفساد المالي والإداري داخل المؤسسات الحكومية والعسكرية بمحافظة تعز. هذا الخيار المهني، الذي انطلق من إيمانه بدور الصحافة كسلطة رقابية، كلّفه الكثير من حريته وأمنه الشخصي، وجعله هدفًا لانتهاكات متكررة وممنهجة.
صحافة في مواجهة النفوذ
برز اسم موسى المليكي كصحفي متخصص في القضايا الإنسانية وكشف الفساد، حيث قاد خلال سنوات عمله تحقيقات صحفية جريئة كشفت عن صفقات مشبوهة واختلالات مالية وإدارية في عدد من المؤسسات الرسمية. وأسهمت تلك التحقيقات، بحسب مصادر مطلعة، في استعادة مبالغ مالية إلى خزينة الدولة، وإصلاح اختلالات داخل بعض الجهات الحكومية، ما وضعه في صدام مباشر مع متنفذين في السلطة المحلية والعسكرية.
اعتقالات واختطافات خارج القانون
لم تكن كلفة هذا الدور الصحفي عادية؛ فقد تعرّض المليكي لعدة حالات اعتقال واختطاف قسري، دون أوامر قضائية، واحتُجز في أماكن غير قانونية، في انتهاك واضح للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية. وترافق ذلك مع تهديدات مباشرة بالتصفية الجسدية، في محاولة لإسكاته وثنيه عن الاستمرار في كشف ملفات الفساد.
القضاء كأداة ترهيب
إلى جانب الانتهاكات الأمنية، واجه المليكي ملاحقات قضائية مكثفة، تمثّلت في رفع أكثر من سبع قضايا ضده أمام النيابة العامة، وُصفت من قبل حقوقيين بأنها قضايا كيدية تهدف إلى إنهاكه نفسيًا ومهنيًا. وتُعدّ آخر قضية رُفعت ضده من قبل قيادة محور تعز العسكري الأخطر، إذ وصلت – بحسب إفادته – إلى المطالبة بإعدامه، على خلفية كشفه قضية فساد كبيرة مرتبطة بعمل المحور.
حملات تحريض وتشهير منظمة
وخلال السنوات العشر الماضية، تعرّض الصحفي موسى المليكي لحملات تحريض وتشويه سمعة قادتها شخصيات نافذة في السلطة المحلية بمحافظة تعز. واستهدفت هذه الحملات النيل من سمعته المهنية والاجتماعية، وتصويره كخصم سياسي بدلًا من صحفي يؤدي واجبه المهني، في محاولة لتقويض مصداقيته أمام الرأي العام.
خروقات قانونية وحقوقية
تمثّل الانتهاكات التي تعرّض لها المليكي خرقًا صريحًا للدستور اليمني، لا سيما المادة (42) التي تكفل حرية الرأي والتعبير، إضافة إلى مخالفتها لقانون الصحافة والمطبوعات، والمواثيق الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
بيئة طاردة للصحافة الاستقصائية
تعكس قضية موسى المليكي واقعًا مقلقًا تعيشه الصحافة الاستقصائية في محافظة تعز، حيث يتحوّل كشف الفساد إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر. ويحذّر صحفيون وحقوقيون من أن استمرار استهداف الصحفيين دون مساءلة يرسّخ ثقافة الإفلات من العقاب، ويقوّض دور الإعلام كأداة رقابية فاعلة.
مطالب بحماية الصحفيين
ويطالب حقوقيون ونشطاء بحرية الصحافة بوقف جميع أشكال الملاحقة والتهديد بحق الصحفي موسى المليكي، وإسقاط القضايا الكيدية المرفوعة ضده، وفتح تحقيق مستقل وشفاف في وقائع الاختطاف والاعتقال القسري التي تعرّض لها. كما يدعون إلى توفير حماية قانونية ومهنية للصحفيين العاملين في مجال مكافحة الفساد.
خاتمة
قضية الصحفي موسى المليكي ليست حالة فردية، بل نموذج صارخ للتحديات التي تواجه حرية الصحافة في اليمن. وبينما يواصل المليكي عمله الصحفي رغم التهديدات، تبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة المؤسسات الرسمية على حماية الصحفيين، وضمان بيئة آمنة تتيح للإعلام أداء دوره في كشف الحقيقة ومساءلة الفاسدين.



