كتاب عدن

أسعار الصرف ستظل مستقرة



د.يوسف سعيد احمد

مع المتغيرات التي شهدتها البيئة السياسية خلال الأيام الماضية، سارع بعض الأطراف إلى إثارة مخاوف من انعكاسات محتملة على أسعار الصرف، في ظل حالة عدم اليقين بشأن ما قد تؤول إليه الأوضاع. وربط آخرون هذه المخاوف بإعلان صندوق النقد الدولي تعليق العمل بالمادة الرابعة من ميثاقه فيما يخص التعامل مع اليمن، بعد أن كان قد استأنف العمل بها في نوفمبر الماضي، عقب تعليق دام أكثر من عشر سنوات.

غير أن أسعار الصرف ستظل مستقرة، ولا توجد مبررات حقيقية لنشر القلق بين المواطنين والمتعاملين في سوق الصرف. ويستند هذا التقييم إلى ثلاثة أسباب رئيسية:

أولاً: استمرار البنك المركزي اليمني، برئاسة المحافظ الأستاذ أحمد أحمد غالب، في أداء مهامه باستقلالية تامة عن تأثير التطورات السياسية، ولا سيما في إدارة سعر الصرف وتنفيذ السياسة النقدية. ويُعد البنك المركزي الجهة النقدية الوحيدة التي نجحت في تثبيت سعر صرف اسمي للدولار الأمريكي في النصف الثاني من شهر يوليو 2025، بيعًا وشراءً، ضمن نطاق (1617–1630) ريالًا لكل دولار، وهو السعر الذي لم يطرأ عليه أي تغيير حتى اليوم.

ثانيًا: استمرار اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الاستيراد في ممارسة أعمالها برئاسة محافظ البنك المركزي، حيث أسهمت في الحد من عمليات المضاربة، وتعزيز تحويل الأموال إلى الجهاز المصرفي، ما أدى إلى إعادة الدورة النقدية إلى القطاع الرسمي ممثلًا بالبنوك. وقد مكّن ذلك من اعتماد ما يقارب مليار دولار لتمويل الاستيراد السلعي منذ بدء عمل اللجنة، وجميع هذه الموارد جرى تدبيرها من السوق، دون المساس باحتياطيات البنك المركزي.

ثالثًا: في ظل هذه الإصلاحات، تحقق استقرار ملموس في سعر الصرف في فترة كان صندوق النقد الدولي لا يزال خلالها معلقًا العمل بالمادة الرابعة التي أُوقف تطبيقها لأكثر من عشر سنوات. وعليه، فإن الإعلان عن تعليق المادة الرابعة مجددًا، بعد أن كان قد أُعيد العمل بها في نوفمبر الماضي، لن يُحدث أثرًا جوهريًا على الواقع النقدي القائم.

وبناءً على ما سبق، فإن من حقنا، بل من واجبنا، توجيه رسائل طمأنة واضحة إلى السوق تؤكد أن استقرار أسعار الصرف سيظل قائمًا عند مستوياته الحالية. مع الإشارة إلى أن تحركات أسعار السلع والخدمات في الأسواق، وابتعادها النسبي عن أسعار الصرف المعتمدة من البنك المركزي، تُعد مسألة طبيعية، لا ترتبط فقط بحالة عدم اليقين، بل أيضًا بتحمّل التجار والبنوك الوسيطة تكاليف حدّية هامشية جرى نقل جزء منها إلى المستهلك، دون أن يكون لذلك أثر جوهري على الاستقرار النقدي أو على الأسعار .

غير أن ما يشهده السوق من ارتفاع في أسعار بعض السلع حاليا أو اختفائها سببها رغبة البعض
في التربح والأثرياء .

يستوجب من الجهات الحكومية والسلطات المحلية تشديد الرقابة على الأسواق، والحد من أي ممارسات غير مبررة تُحمِّل المستهلك أعباء إضافية وتُقوّض ثمار الاستقرار النقدي المتحقق.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى