شؤون محلية

واقع سياسي وشعبي يفرض دولة الجنوب وتعنت الشرعية يهدد مستقبل الشمال

Email:info@enma-ye.com
Phone:+9672363636

أخبار عدن
واقع سياسي وشعبي يفرض دولة الجنوب وتعنت الشرعية يهدد مستقبل الشمال
الأحد, 21 ديسمبر 2025
262 مشاهدة

واقع سياسي وشعبي يفرض دولة الجنوب وتعنت الشرعية يهدد مستقبل الشمال

عدن اوبزيرفر/غرفة الاخبار:
التطورات الميدانية سياسيا وعسكريا وشعبيا، لا سيما في حضرموت والمهرة، أفرزت واقعًا جديدًا يفرض على الطرف الشمالي ومكوناته داخل الشرعية التعامل مع هذا الوضع بعقلانية سياسية تستند إلى الوقائع لا إلى مزاعم التاريخ وأوهام الأصل والفرع وترهات اليمن الكبير.

التعامل المسؤول مع هذا الواقع يقتضي من أطراف الشرعية اليمنية التعاطي بمنطق السياسة والمصالح والجوار والأمن المشترك لا بمنهج الشعارات والتباكي والهروب والتنصل التي لا محالة ستزيد تعقيد الوضع والانفلات في الشمال بما يعقد جهود تحريره.

التهديد بتعطيل الإصلاحات الحكومية أو استخدام أدوات اقتصادية ومعيشية ضد الجنوب ورقة عقابية تفتقر للأساس العملي ولا تنسجم مع توازنات الداخل، كما أن محاولة تسويق هذه المقاربة إقليميًا بوصفها إجراءً سياسيًا منضبطًا تغفل أثرها الحقيقي، إذ تُفهم في الجنوب على أنها استهداف مباشر للمجتمع، لا إدارة خلاف قابل للمعالجة عبر القنوات السياسية.

التجربة الأخيرة أظهرت محدودية هذه الأدوات. مغادرة وزراء ومسؤولي الشرعية للعاصمة عدن، وترك مؤسسات الدولة دون إدارة فاعلة، كان يُراد له أن يحدث ضغطًا إداريًا وسياسيًا غير أن النتائج جاءت مختلفة؛ إذ استمرت الخدمات الأساسية، وحافظت المدن الجنوبية على قدر معقول من الاستقرار، وتقدمت ترتيبات محلية لضمان سير العمل ومنع أي اختلال. هذا الواقع رسّخ قناعة شعبية بأن الانسحاب لم يكن تعبيرًا عن موقف سياسي بقدر ما كان تخليًا عن المسؤولية.

أمام هذا الوضع وجد المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه مطالبًا بالتعامل مع معطيات لا تحتمل الانتظار، عبر سد أي فراغ محتمل والاستعداد لأي طارئ، وسط معلومات عن مساعٍ لخلق توترات أمنية في عدن ومناطق أخرى. وقد جرى التعامل مع هذه التحديات بخطوات مدروسة، منسقة مع التحالف، وبما يضمن الحفاظ على الاستقرار وعدم الانجرار إلى مواجهات.

يأتي ذلك في وقت يتصاعد فيه الحراك الشعبي الجنوبي المطالب باستعادة الدولة الجنوبية، حيث باتت القناعة العامة أن الاستقلال مسألة زمن وترتيبات سياسية لا أكثر، ومع ذلك يتعامل المجلس الانتقالي مع هذا الضغط الشعبي بروية محسوبة، انطلاقًا من إدراك متطلبات الإعلان السياسي، وبناء شبكة علاقات خارجية، وتأمين الاعتراف الدولي، وضمان استقرار الجنوب، مع تجنب دفع الشمال إلى مزيد من الاضطراب.

هذا النهج لا يحمل دلالة تراجع، بل يكشف عن إدارة انتقالية مدروسة. الاتجاه العام في الجنوب، شعبيًا وسياسيًا وأمنيًا، بات واضحًا، ولم تعد العودة إلى الوراء مطروحة في الوعي العام ولدى القيادة الجنوبية ذاتها، التباين القائم يتركز فقط في توقيت الإعلان وصيغته لا في مضمونه.

كل هذه المستجدات وما قد يلحقها من قرارات جنوبية مصيرية تجعل الأطراف الشمالية في الشرعية أمام مسؤولية تاريخية ذات بعدين أولهما الحفاظ على الشمال ككيان سياسي قابل للاستقرار والتعامل مع الجنوب باعتباره جارًا وشريكًا لا طرفًا ينبغي إخضاعه، وثانيهما العمل دون استحياء على تنظيم العلاقة بين دولتين باتفاقات واضحة وحدود آمنة وتنسيق أمني، يوفّر إطارًا عمليًا للتعاون، ويخدم مصلحة الطرفين، خاصة في ما يتعلق بجهود تحرير الشمال من جماعة الحوثي وبناء منظومة أمن إقليمي أكثر تماسكًا.

تجارب الثلاثة عقود الماضية أثبتت أن الرهان على إنهاك الجنوب اقتصاديًا أو إداريًا غير قابل للتحقق، وأن تحويل الجنوب إلى خصم دائم يحمّل الشمال أعباء أكبر. ومن هنا، يجب أن ينتقل الطرف الشمالي من منطق الإنكار والتعطيل إلى منطق الاعتراف والتنظيم. دولتان بعلاقات متوازنة ومصالح مشتركة تقدمان نموذجًا أكثر استقرارًا من كيان متنازع عليه يفتقر إلى أدوات الحكم وإلى ثقة الشارع.

الجنوب اليوم حقيقة سياسية قائمة بذاتها، والتعامل المسؤول معها يحمي مصالح الجميع وأي تأخير في ذلك لا يضع الجنوب وحده أمام تحديات إضافية، بل يضاعف مخاطر الخسارة على ما تبقى من بنية السلطة في الشمال، ويؤجل فرص الخروج من الأزمة اليمنية الشاملة.الأيام

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى