ادب وثقافة

امرأة من الزمن الجميل تُهدي للحداثة بركاتها البديعة



كتب/الصقر الهدياني.

على الدوام؛ ظلّت د.نعمة صالح عوض سفيرةً للمرأة اليافعية منذ عرف الوجود سخاء أهل يافع وإقبالهم على الخير عُدَّةً وعتادًا.
هذه السيّدة الوقورة بهندامها الريفي الأصيل وطلّتها الصارمة؛ مثل نبعٍ لا ينضب يدفق بغزارة على كل ما هو يحتضر من شدة العطش.
صالت وجالت ملهمتنا الأولى في ساحاتٍ عديدة، فحين يحيق الماكرون أقلامهم متكالبين على الوطن؛ تقف بزهو الثائرات مُشهرةً قلمها مثل سيف. وحين يسود الرخاء، ويتبختر الشعراء مُعلنين موعد الصباحات الفصيحة؛ تجيءّ عند الغبش ممتلئًة حماسةً ودهشة، وتنبلج ابتساماتٍ حصيفة على وجهها عند كل بيت إعجابًا بجمال اللغة. وحين يتطلب الأمر وعيًا، تصير الأم المثالية على رؤوس التائهين. وحين يتعلق الأمر بمهنتها كطبيبة؛ فإنها السبّاقة بدفء يديها، وتحنان ظلها على من بلاه المرض، متفانية في عملها، صبورة في تكريس جهودها النبيلة.

سبقتني مبكرًا ف المجيء إلي قبل أن أذهب إليها. العام الماضي؛ في مهرجان القارة التراثي، لفت انتباهي ثُلة من الرجال، شبابًا وكبارًا، كانوا يقفون متراصين مُنصتين إلى حديث سيدة تتلو على مسامعهم قصصًا من التراث اليافعي. شدّني الفضول للاستماع، وقفتُ معهم وأصختُ سمعي لشروحها، أحببتُ جدًا طريقتها في تقديم نموذج رائع في إيصال الفكرة.
لم يأتِ ببالي أن اسأل من تكون، لكن أحد الأصدقاء نطق اسمها بطريقة عفوية وهو يناقشها. إنّها الدكتورة نعمة، يا للمصادفة الطيّبة، أخيرًا التقيتها.
انتظرتُ حتى انتهت من تقديم القصص، حين انشغل الجميع في أحاديثهم الجانبية؛ تقدمتُ نحوها بطريقة مهذبة، وقلت بأكاديمية عالية: مرحبًا دكتورة نعمة، أتمنى أن تكوني بخير، أنا صقر الهدياني، أتيتُ أرض يافع بمناسبة المهرجان مع الشباب ضمن الفريق الإعلامي. ردت علي الدكتورة نعمة بوقار أم، بكل تواضعٍ ولين، تبادلنا بعض الأحاديث الرسمية على عجلة، ثم انشغلنا بالمهرجان، ومنذ ذلك اليوم والدكتورة نعمة أُمّي وأنا ابنها.

الله، ما أطيب هذه المرأة وأحنَّ قلبها على الجميع، امرأة من الزمن الجميل تُهدي للحداثة بركاتها البديعة.
زرتها قبل فترة إلى بيتها في عدن، ذهبتُ إليها وكُلّي شوقٌ لحكمتها السديدة. انشرحَ صدري كثيرًا وهي تُرشدني إلى حياة سويّة وموهبة تستحق الاهتمام، وما إن خرجتُ من عندها إلّا وروحي راضيّة ومُقبلة على حب الخير.
ظلّت ولا زالت تهب نعناع الأمومة لكل ذي موهبة صاعدة، لطيفة ومُلهمة، تمدُّ بالأفكار من يتحسسون الأمل، تفيض بالزهد دون حدود، وبصدقٍ تعطي ولا تطلب.

أمنا الحبيبة حاليًا في مصر لتلقي العلاج، تمرُّ بوعكة صحية، ورجالاتُ يافع ذوي همم رفيعة…!
الشفاء العاجل ماما، اسأل الله العظيم أن يشفيك عاجلًا غير آجل.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى