كتاب عدن

ويسألونك عن الحقوق!!


بقلم: د. روزا الخامري

في مشهد يتكرر في عدد من المدن والمحافظات في المناطق المحررة ، خرجت النساء في تظاهرات سلمية للمطالبة بحقوقهم الأساسية، من خدمات عامة مثل الماء والكهرباء والصحة، والتعليم إلى فرص العمل وتحسين البنى التحتية ورغم أن الدستور يكفل حق التظاهر السلمي، فوجئت المتظاهرات باستخدام مفرط للقوة لأول مرة من قبل بعض عناصر الأمن الشرطة النسائية (غير المعروفة) والتي لم تتلقى تدريبات في حماية المرأة وحقوقها المكفولة دستوريا وقانونيا ودوليا و كانت مستعدة لقمع النساء واخذ جوالاتهم لمنع التوثيق ، ما أدى إلى وقوع إصابات على النساء ، وأثار استياءً واسعاً في الأوساط الشعبية والحقوقية.

إنّ ما حدث يُعدّ انتهاكاً واضحاً للحقوق المدنية والإنسانية التي تنص عليها المواثيق الدولية من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكرس حرية التعبير والمشاركة السياسية للجميع دون تمييز واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز والذي تلزم الدول الموقعة بضمان حقوق النساء بما فيها حق التعبير والمشاركة في الحياة العامة ، وأن ما حدث يعد سابقة في عدن تعبّر عن ضعف في آليات إدارة الازمات والحوار والتجاوب الحكومي مع مطالب المواطنين بشكل عام والنساء بصفة خاصة تعبر عن فشل في احتواء مطالب الشعب ، فبدلاً من الاستماع إلى معاناة الناس، يُقابل صوتهم بالقمع، وكأن من يخرج دون امرنا ليس منا أو هو مصنف ضدنا وكأن المطالبة بالحقوق جريمة تستحق العقاب، تستنفر لها اجهز الامن كلها وهي قضايا حقوقية مطلبية خدمية ملزمة بها الدول وفق العقد الاجتماعي بينها وبين شعوبها.

واللافت في خضم هذه التظاهرات، بروز دور النساء بشكل واضح، ويعكس شجاعة استثنائية في مواجهة الظلم والمطالبة بالحياة الكريمة للجميع، وليس فقط لحقوقها كأنثى، بل لحقوق مجتمع بأكمله حيث شاركن بقوة في إيصال صوت الشعب والدفاع عن معاناته اليومية المرأة، باعتبارها شريكة في المجتمع، تعاني كما يعاني الرجل من انعدام الخدمات وغياب العدالة، لتواجه أشكالاً مضاعفة من القمع والتمييز، و مشاركتها في التظاهرات حق مشروع وأصيل و لعبت منظمات المجتمع المدني دوراً محورياً في مساندة النساء و في توثيق الانتهاكات والدفاع عن حقوق المتظاهرات كما سارعت إلى إصدار بيانات تندد بالعنف، ومن جانبنا كمدافعات نطالب بإجراء تحقيقات عاجلة وشفافة، وعدم الصمت من قبل الجهات المسؤولة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

أن الاعتداء على المواطنين السلميين نساء ورجالا وشبابا لا يقتصر تأثيره على الضحايا فقط ، بل يمتد ليزعزع ثقة الناس بالمؤسسات الرسمية وبالمكونات التي تحكم بسلطة الامر الواقع واستخدام النفوذ السياسي والأمني لفرض قيود على المرأة دون مرجعية قانونية عادلة ، وهذا يغذي الشعور بالظلم والتهميش ويذكي التفرقة والمناطقية والفرز بالهوية والانتماء السياسي ، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد حالة الاحتقان الاجتماعي وتدحرج كرة النار لتحرق الأخضر واليابس في كافة المحافظات وعدن خاصة ، إذ لم يعد الشعب يتحمل السكوت عن حقوقه ولم تعد النساء قادرة على البقاء مكتوفة الايدي مما يجري ويفتعل في اسرتها ومجتمعها وتحمل الجوع والفقر والمرض وانعدام الخدمات من كهرباء وماء وامن غذائي وتعليم ، ومن المؤسف أن تتحول الأجهزة المفترض بها حماية المواطنين إلى أدوات لتكميم الأفواه ومنع التعبير والقمع بالهراوات لإخافة النساء والرجال والشباب مصيرهن مجهول في السجون .

المطلوب اليوم هو تحقيق شفاف ومستقل في كل واقعة اعتداء، ومحاسبة المسؤولين عنها، فضلاً عن فتح قنوات حقيقية للحوار مع المواطنين، والعمل الجاد على تلبية مطالبهم المشروعة ،فالدولة القوية لا تُقاس بقدرتها على القمع، بل بمدى استجابتها لاحتياجات شعبها وحمايتها لحقوقه وفتح حوار وطني حقيقي لمعالجة أسباب الاحتجاج بدلاً من قمعه وتنفيذ مطالب الشعب بالعيش الكريم .

إنّ احترام كرامة الإنسان وحقه في التعبير والتجمع السلمي هو أساس أي مجتمع ديمقراطي عادل، وأي انتقاص من هذه الحقوق يُعد تراجعاً خطيراً لا يمكن السكوت عنه .

أين العقلاءءء ؟

ليقولوا كلمة حق وكلمة صدق ومخرج صدق أين المجلس الرئاسي والحكومة مما يجري للمواطنين من عذاب يومي ومهانة ومعاناة وبؤس وجوع وتجهيل للأجيال وامراض واوبئة وخدمات معدومة وأخرى رديئة ، يكفينا قيادات تؤجج الصراع واعلاما يثير الفتن وفهما قاصرا منقوصا لمعاناة الناس وعقليات الاقصاء التي لا ترى إلا من زاوية واحدة ولا تقبل الرأي والرأي الاخر و ولا تعي مفهوم الحق ولا التعايش الذي تبنى عليه الأوطان ويزرع فيه السلام.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى