شؤون محلية

كارثة بيئية في البحر الأحمر جراء إغراق الحوثيين للسفن دون اعتبار لحمولتها


تسويق للجريمة الدولية باعتبارها إنجازا بطوليا


عدن اوبزيرفر- ينطوي التصعيد الحوثي ضدّ حركة الملاحة الدولية على خطر طويل الأجل يتجاوز الخطرين الاقتصادي والأمني الآنيين، متمثّل في التهديد البيئي الكبير الذي تنطوي عليه عملية إغراق السفن بشكل عشوائي من قبل الجماعة بغض النظر عن حمولة تلك السفن التي قد تكون مواد كيميائية عالية السمية وشديدة الخطر على البيئة البحرية وحتى الساحلية للبلدان المطلة على البحر الأحمر الذي شهد في ظرف وجيز إغراق سفينتين، ما جعل العديد من الجهات المحلية والدولية تطلق صفارات الإنذار محذرة من دنو الكارثة المتوقّعة.

وتظهر جماعة الحوثي المرتبطة بإيران عدم اكتراث بالمعطيات والاعتبارات البيئية التي لا يبدو أنّ لها مكانا ضمن سياساتها وتوجهاتها الأيديولوجية ذات الارتباط الوثيق بحليفتها إيران التي يبدو أن الجماعة تمارس التصعيد في الممر المائي الإستراتيجي لحسابها وبغض النظر عن أن مخاطر قد تترتّب عليه للمنطقة وحتى لليمن بحدّ ذاته.

ولا يكترث الحوثيون بجهود دولية سابقة كانت قد أنقذت البحر الأحمر من كوارث بيئية كانت على وشك الحدوث، وذلك عندما تعاونت جهات دولية صيف سنة 2023 على سحب حمولة ناقلة النفط صافر المحملة بكميات كبيرة من الخام والتي ظلت متوقّفة لسنوات طويلة في ميناء الحديدة الواقع بغرب اليمن ما جعلها عرضة للتآكل ولسكب حمولتها الخطرة في مياه البحر، وأيضا عندما تعاونت جهات دولية أيضا في خريف سنة 2024 على منع غرق ناقلة النفط سونيون بحمولتها بعد أن هاجمها الحوثيون وتسببوا في اندلاع حريق في بعض أجزائها تمكنت تلك الجهات من إطفائه قبل سحب الناقلة إلى مكان آمن.

لكن تلك الجهود لم تمنع من مواصلة الحوثيين مقامرتهم الخطرة بمصير بيئة البحر الأحمر والبلدان الواقعة على ضفّتيه، حيث أغرقت الجماعة في ظرف أقل من أسبوع سفينتي إترنيتي سي وماجيك سيز. وحذر وزير البيئة اليمني توفيق الشرجبي من مخاطر بيئية جسيمة بعد غرق السفينة ماجيك سيز قبالة السواحل اليمنية.

وقال في تصريحات صحفية بأن السفينة كانت تحمل على متنها نحو خمسة وثلاثين ألف طن من مادة نترات الأمونيا شديدة الخطورة، موضّحا أن احتمالات وقوع تلوث كبير لا تزال قائمة جرّاء تسرب محتمل لهذه المادة إلى مياه البحر، ما قد يهدد الحياة البحرية وسلامة السكان القريبين من المنطقة. وأشار إلى أن السلطات اليمنية تتابع الوضع عن كثب، وتعمل بالتعاون مع الجهات الدولية المختصة لتقييم حجم الأضرار المحتملة واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.


ومن جهتها حذّرت بريطانيا من مخاطر حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر نتيجة استمرار جماعة الحوثي في استهداف السفن التجارية المارة في المياه الإقليمية الدولية.

وقالت السفيرة البريطانية لدى اليمن عبده شريف في تغريدة على حسابها في منصة إكس إنّ “الهجمات المروعة التي يشنها الحوثيون لم تقتصر على السفينة التجارية ماجيك سيز وتعرّض حياة أفراد الطاقم الأبرياء للخطر فحسب، بل أسفرت أيضا عن إلحاق أضرار بسفينة أخرى في البحر الأحمر ما يزيد من خطر وقوع كارثة بيئية.”

وفي السياق ذاته أدان الاتحاد الأوروبي الهجوم الحوثي على ناقلة البضائع ماجيك سيز محذّرا من أنّ غرقها ينذر بوقوع كارثة بيئية كبرى في المنطقة. ورغم الخطر البيئي وحالة الامتعاض الدولي من سلوك جماعة الحوثي إلاّ أن الدوافع السياسية والأيديولوجية تبدو أقوى لدى الجماعة من أي اعتبارات أخرى، ما يدفعها إلى مواصلة تصعيدها بالغ الخطورة.

وقال زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، الخميس، إن الهجمات الأخيرة لجماعته على السفن في البحر الأحمر تأتي ردا على محاولة شركات إعادة تشغيل ميناء إيلات الإسرائيلي. وأوضح في كلمة مصورة أن “اليمن ثابت في موقفه الحازم والحاسم في حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن طالما استمر العدوان والحصار على غزة.”

وأضاف “قرار الحظر مستمر ولم يتوقف وكانت عملية الرصد مستمرة وترقب لكل حركة في البحر، ولكن الذي استجد هو مخالفة بعض الشركات ومحاولة إعادة تشغيل ميناء أم الرشراش (إيلات) الإسرائيلي.” وتابع “العمليات البحرية الأخيرة نفذتها القوات اليمنية بالاشتراك بين البحرية والصاروخية والطيران المسير وأفضت إلى إغراق سفينتين.” وذكر أن “بعض شركات النقل البحري حاولت مخالفة قرار الحظر وبدأت الشحن إلى ميناء أم الرشراش متجاهلة الحظر ومتوهمة أنه يمكن التغاضي عن ذلك.”

ولم تقتصر الخسائر التي نجمت عن الهجمات التي نفذها الحوثيون خلال الأيام الأخيرة في البحر الأحمر على غرق السفينتين فحسب، بل تسببت في خسائر بشرية، وذلك بسقوط قتلى وجرحى من البحارة ما وضع الجماعة في حرج أخلاقي باعتبار أن هؤلاء الضحايا أبرياء مدنيون ساعون من خلال العمل في قطاع النقل البحري لإعالة أنفسهم وأسرهم.

ومنذ نوفمبر 2023 بدأ الحوثيون تنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل وضد سفن تجارية في البحر الأحمر ويقولون إنها لحظر حركة السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل إسنادا لقطاع غزة. وفي المقابل بدأت الغارات الإسرائيلية على مواقع للحوثيين باليمن في يوليو 2024 مستهدفة مرافق حيوية، من بينها مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، الأمر الذي يعد عاملا مكرسا لارتفاع منسوب الخطر البيئي المتربص بالبحر الأحمر.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى