كتاب عدن

50 يوم فيسبوك



بتوقيت الخريف، حين يصبح المزاج أصفر تماماً كأوراق الشجر التي تتهاوى بصمت جميل، أطفأت شمعة الخمسين يوماً في فيسبوك، وأصبحتُ من رعايا الطائفة المستجدّة، أو ربما مصنف نازح إلى كوكب مكتظ بالبشر والحكايات.

وكمن يأتي إلى عالم جديد، عليه أن يعتبر الصفحة مجرد صندوق بريد تُوضع فيه الرسائل لتحملها الرياح حيث تشاء، حتى يتعرف على السكان بكل ما أوتي من صبر، ويفهم تنوع ثقافة الوسط والناس: غرائزهم وطباعهم، عمقهم وسطحيّتهم، أحزانهم وأفراحهم… الأساتذة، والعلماء، والساسة، والكتاب، والمبدعين، وكذلك شيوخ المقامات، وأمراء الصوالين، وفتوّات الحواري، وتجار الكلمة… الخ.

باختصار: كل الخلطة الكونية التي تؤلف المشهد وتمنحه ميزات ونواقص.

ليس بمقدور أحد أن يعدل شكل هذا الكوكب، أو يقوم بتنظيف البراكين كما في حكاية “الأمير الصغير”، أو يتحايل على قوانين الجاذبية على طريقة الخيال العلمي. كل ما يحتاجه الزائر هو ستالايت يلتقط صورًا بانوراميّة، ويطور نظام ملاحة افتراضية دون حاجة إلى مجموعة الدُّب الأصغر ونجم بولاريس.

وبالتدريج تنتهي صفة النازح الذي نصب خيمة في العراء قبل أن يفكّ أكواد المدن وخرائطها ويكتسب هوية وإقامة، لتبدأ الرحلة بثقة: ارتباك أقل، بوصلة أدق، نظرة أبعد إلى هذا الفضاء المترامي.
ودمتم…

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى