مقالات

إيران بين الدور السعودي والغربي



تحاول طهران الاستفادة من العلاقات المميزة بين واشنطن والرياض

هدى رؤوف كاتبة @HudaRaouf


ملخص
أصبحت السعودية ركيزة أساسية في حل أزمات المنطقة المعقدة، وباتت واشنطن لا تنظر إلى الرياض كقوة مؤثرة في الشرق الأوسط وحسب، بل أيضاً كدولة يمكن لحجمها الاقتصادي وقوتها الدبلوماسية أن تعزز المبادرات الدولية لحل الملفات الإقليمية، ومن ذلك النووي لإيراني.

تعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة كاشفة لدلالات إقليمية مهمة، إذ أصبحت الرياض ركيزة أساسية في حل أزمات المنطقة المعقدة، وباتت واشنطن لا تنظر إلى الرياض كقوة مؤثرة في الشرق الأوسط وحسب، بل أيضاً كدولة يمكن لحجمها الاقتصادي وقوتها الدبلوماسية أن تعزز المبادرات الدولية لحل الملفات الإقليمية، ومن ذلك النووي لإيراني.

لقد أوضحت نتائج الزيارة التي جرى خلالها توقيع الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي اتفاق الدفاع الإستراتيجي الأميركي – السعودي، وهو اتفاق تاريخي يعزز الشراكة الدفاعية وقوة الردع في الشرق الأوسط، فضلاً عن تزويد السعودية بحزمة دفاعية ضخمة تشمل تسليمات مستقبلية لطائرات مقاتلة من طراز “أف-35” كجزء من اتفاق لشراء السعودية نحو 300 دبابة أميركية، وهو ما يعد خطوة نحو تغيير موازين القوى الإقليمية.

وكذلك سيقوض حصول السعودية على طائرات “أف-35” التفوق النوعي الجوي لإسرائيل التي احتكرت تلك الطائرات في المنطقة، وذلك في إطار ربط السعودية تحولها الاقتصادي بتعميق العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، فضلاً عن تطوير الطاقة النووية في السعودية، والتعاون الأوسع في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والمعادن الحيوية، وهي مجالات محورية في المنافسة الإستراتيجية طويلة الأمد للولايات المتحدة مع الصين.

وعلى رغم ذلك حاولت إيران الاستفادة من العلاقات المميزة بين واشنطن والرياض من جهة، ومن تحسن العلاقات بين إيران والرياض من جهة أخرى، ولربما في ظل التوترات السائدة في المنطقة تجلت أهمية الاتفاق السعودي – الإيراني الذي عزز أمن الخليج، على رغم تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، لذا عملت إيران على الحصول على الدعم السعودي، ولا سيما في ظل استمرار التوتر الإيراني – الأميركي.

وأرسل الرئيس الإيراني رسالة إلى السعودية قبيل زيارة ولى العهد إلى واشنطن، وفي حين اعتبر بعضهم أن لها علاقة بدور ووساطة سعودية بين واشنطن وإيران لدفع المسار الدبلوماسي وحل أزمة الملف النووي، لكن في داخل إيران رفض بعضهم التصريح بذلك، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن الهدف من الرسالة هو العلاقات الثنائية بين إيران والسعودية، ومناقشة تعاونهم خلال موسم الحج هذا العام.


كيف يمكن لترمب وقف الحرب في السودان؟
ومن المفهوم أن إيران على رغم محاولتها توظيف التقارب بينها وبين دول الخليج في مواجهة إسرائيل وواشنطن، لكنها في الوقت ذاته لا تريد أن تضيف رصيداً إلى الدور السياسي للسعودية في أية مفاوضات مقبلة حول الاتفاق النووي، وخلال اللقاء مع دونالد ترمب قال ولي العهد السعوي “نحن حلفاء مقربون ونعمل معاً بشكل وثيق في شأن هذه القضية، وسنبذل قصارى جهدنا للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران”، مضيفاً “نعتقد أنه من الجيد لمستقبل إيران أن يكون لديها اتفاق جيد يرضي المنطقة والعالم والولايات المتحدة الأميركية، ولذلك سنبذل قصارى جهدنا لتحقيق ذلك”.

وفى حين قال ترمب إن هناك اتصالاً مع إيران، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائى ذلك، ووصف تصريحات الرئيس الأميركي بأنها “هراء مكرر، ولا توجد حالياً أية عملية تفاوض بين طهران وواشنطن”، وفي التوقيت ذاته انطلق اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولم تحل قضية إيران إلى مجلس الأمن، وجرى تقديم نص مشروع قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي اعتبرته إيران مسيّساً، إذ دعاها إلى الالتزام بتعليق جميع أنشطة التخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير والمشاريع المتعلقة بالماء الثقيل، بناء على القرارات الدولية التي دخلت حيز التنفيذ في سبتمبر (أيلول) الماضي، والمقصود هنا حزمة القوانين التي جرت إعادة فرضها بعد تفعيل “سناب باك”.

من جهته قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل جروسي إن مفتشي الوكالة عادوا إيران وأجروا عمليات تفتيش وتحققوا من معلومات التصميم في كثير من المنشآت التي لم تتأثر بهجمات يونيو (حزيران) الماضي، ومع ذلك فلا بد من مزيد من التعاون لاستئناف عمليات التفتيش الكاملة، بما في ذلك داخل المواقع المتضررة حتى تتمكن إيران من الامتثال لالتزاماتها بموجب “اتفاق حظر الانتشار النووي”، مؤكداً أنه على اتصال منتظم مع طهران ويحثها على تسهيل وصول المفتشين إلى منشآتها المتضررة، وبخاصة مخزونها من اليورانيوم منخفض وعالي التخصيب، والذي يجب فحص حاله على وجه السرعة، ومن ثم جرت الموافقة على قرار مجموعة الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة الذي يدعو إلى مواصلة تقديم تقارير مفصلة عن البرنامج النووي الإيراني، ويحث طهران على التنسيق السريع مع وكالة الطاقة الذرية والسماح لمفتشيها بالوصول الكامل، بغالبية 19 صوتاً لمصلحة القرار وثلاثة ضده مع امتناع 12 من التصويت.

وتأتي الخطوات تلك بعد توقف إيران عن التعاون مع الوكالة الدولية على خلفية حرب الـ 12 يوماً، إذ اعتبرت أن الوكالة سرّبت معلومات لإسرائيل حول المنشآت النووية، ولذلك كانت العلاقة الفاترة مع الوكالة، وعدم إعلان الانسحاب من “معاهدة حظر الانتشار النووي”، إضافة إلى اعتماد المفتشين على معلومات قديمة، الخيارات التي انتهجتها إيران لإدارة الكُلف على الساحة الدولية خلال هذه المرحلة.اندبندنت

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى