القضية ليست فستان عهد ياسين … القضية أعمق

القضية ليست فستان عهد ياسين … القضية أعمق..
كتبت/أماني باخريبة:
لا أعرف لماذا تحول الأمر إلى كل هذا الضجيج… مذيعة اختارت فستانًا ظهرت به على الشاشة، فإذا بنا أمام عاصفة لا علاقة لها بقطعة قماش بقدر ما تكشف عن ذهنية ما زالت تحاكم النساء في كل تفصيلة من حياتهن.
ما تتعرض له عهد ياسين ليس نقاشًا حول “لباس” ولا جدلًا عن “ذوق عام”، بل امتحان حقيقي لقدرتنا كمجتمع يمني على تقبل الاختلاف دون أن نحول حرية المرأة إلى جريمة، أو نجعل أجساد النساء ساحة صراع بين “المسموح” و“غير المسموح”.
اليمن لم يكن يومًا مجتمعًا بوجه واحد: فيه المتدين والمنفتح، المحافظ والحداثي، من يرى الحجاب فرضًا ومن يعتبره خيارًا. هذا التنوع جزء من نسيجنا، فكيف أصبح اختيار امرأة لملابسها وكأنه اختراق لاتفاق مقدس أو خروج عن قيم المجتمع؟
ثم لا ننسى أن عهد فتاة عدنية… وعدن منذ عقود مدينة اعتادت نساؤها الأناقة والانفتاح الملتزم، وكن يرتدين مثل هذا اللباس دون أن يتعرضن يومًا للتنمر أو التهديد أو التشهير. ما تلبسه عهد ليس دخيلًا على عدن ولا على تاريخ نسائها، بل امتداد طبيعي لبيئة حضرية عرفت بالتنوع والاحترام.
القضية ليست فستان عهد… القضية أعمق…
هي في تلك العقليات التي تعتقد أنها مخولة لرسم حدود حرية المرأة، وتحديد مساحة حركتها، وفرض قالب واحد عليها حتى لو لم يعكس شخصيتها ولا يمثلها.
عهد لم تفعل سوى ممارسة حقها الطبيعي في أن ترتدي ما تراه مناسبًا لها. ومن انزعج من فستانها، لم يغضب من المظهر بقدر ما أزعجه أن امرأة تستطيع أن تظهر كما تشاء دون وصاية.
نحن قادرون على الدفاع عن حرية النساء دون المساس بالذوق العام لمجتمعنا. فالحرية لا تعني استفزازًا، والالتزام بالذوق العام لا يعني إلغاء شخصية الفرد. يمكن للمرأة أن تكون نفسها، وأن تعبّر عن قناعاتها، دون أن تجبر على قوالب جاهزة لا تشبهها.
كل الدعم لعهد ياسين، ولكل امرأة تقف بثبات في مجتمع يحاول أحيانًا تضييق مساحة حضورها. فالدفاع عن حقها لا يناقض قيم المجتمع… بل يحمي حقًا إنسانيًا أصيلًا.
وفي نهاية المطاف، عهد اختارت ما يناسبها هي وحدها، ولم تطلب من أي امرأة أن تخلع حجابها أو نقابها او ان تلبس مثل لباسها. هي فقط ارتدت ما ينسجم مع شخصيتها ومعتقداتها، ومن حق كل امرأة أن تفعل الشيء نفسه دون خوف أو تجريح.



