لا حضرموت بلا حضارم ولا جنوب بلا حضرموت

✍️وهيب الحاجب
الوضع في حضرموت يستدعي قدرًا أعلى من العقلانية السياسية والحصافة الأمنية والعسكرية، فالمحافظة بما تمثله من ثقل سياسي واقتصادي من الخطأ التعامل مع واقعها بمنطق المناورة أو بسياسة كسب الحلفاء وزرع الوكلاء أو تقوية طرف وإضعاف آخر.
حضرموت جغرافيا وثروة وهوية لها وضعها الخاص وقرارها الخاص، وبالتالي فإن حضورها ككل غير مجزأ ولا متناحر هو صمام الأمان الذي يرتكز عليه المشروع الوطني الجنوبي. وهذا يعني أن استقدام أي صوت من خارج حضرموت لمحاولة هندسة وضعها الداخلي أو إعادة ترتيب أولوياتها بعيدًا عن إرادة أبنائها ما هو إلا عبث سيخلق “كنتونات” ضعيفة ويوجِد فجوات خطيرة لا تخدم مستقبل الجنوب بل وتهدد مستقبل التكامل الجنوبي برمته.
خطأ استراتيجي وغباء سياسي أن يتم التعامل مع حضرموت كقطعة أرض قابلة لإعادة التدوير السياسي وفق رغباتٍ ومشاريع لأطراف هم في الأساس وكلاء لنفوذ إقليمي وصراع خارجي.. حضرموت يجب أن لا تُقدم كـ”سطح” مكشوف يصب الآخرون مشاريعهم فوقه دون حسابات مسؤولة ودقيقة.
أي محاولة للالتفاف على إرادة الحضارم أو استهداف تماسكهم سيضع الجميع أمام مخاطر لا يمكن التنبؤ بنتائجها، لأن حضرموت هي نقطة الارتكاز التي تستند إليها معادلة الاستقرار في الجنوب، ومن يحاول الضغط على هذا المفصل الحيوي يتورّط في خطوة تُشبه القفز على أرض رخوة لا أحد يعرف إلى أين قد تهوي به.
الانتقالي بصفته القوة الجنوبية الأكثر حضورًا وتأثيرًا، أمام مسؤولية بأن يدرك أن حضرموت ليست ورقة في صندوق الصراعات، بل ركيزة تتأسس عليها المرحلة القادمة، وأي انقسام داخل هذا سيسبب ارتدادات مكلفة تمسّ صميم قضية الدولة التي يعمل الجنوبيون لاستعادتها؛ لهذا فإن تعزيز وحدة الحضارم وتحصين قرارهم وحماية وتحرير حضرموت من غير الحضارم هو الضامن لاستقرار المحافظة وإجماع قرارها وتوجيهه نحو مشروع استعادة الدولة الجنوبية، أما الانشغال بمناكفاتٍ جانبية في الساحل تُضعف الكتلة الحضرميّة بدل أن تقوّيها فذلك ضرب مبطن للجنوب قبل أن يكون استهدافا للحمة الحضارم.
الوقت يضيق مع تزايد الاستقطابات ورسائل التهديد، والتحديات باتت مكشوفة، وما يحتاجه الجنوب في هذه اللحظة هو عقل حكيم مسؤول صارم يتجه نحو الوادي حيث تتمركز بقايا أدوات و”خبائث” نظام الاحتلال اليمني، فهناك ينبغي أن تتوحد الجهود وهناك يجب أن تكون المعركة الفاصلة، لأن استكمال تنظيف وكنس ذلك الإرث العسكري اليمني اللعين يفتح الطريق أمام مرحلة حضرمية جنوبية أكثر استقرارًا.
حضرموت لم تكن يومًا طرفًا بقدر ماهي الأس والأساس ولن تكون اليوم معادلة يمكن إعادة صياغتها دون أهلها.. حضرموت هي حجر الزاوية في مشروع الجنوب، ومحاولة العبث بتوازنها الداخلي ليست سوى مغامرة قد تعيق المشروع الجنوبي برمته.. دعم الحضارم وتقويتهم بات اليوم واجبًا وطنيًّا لا يقبل الجدل أو التشكيك والتأويل ولا المزاج والمشاريع الدخيلة، لأن ذلك ببساطة هو دعم لأساس الجنوب نفسه.
#وهيب_الحاجب



