كتاب عدن

ذكرى الاستقلال وتحديات المرحلة

ذكرى الاستقلال وتحديات المرحلة

فضل الجعدي
————-

يطل نوفمبر العظيم ذكرى استقلال الجنوب رغم كل الظروف الصعبة والعتمة وليالي السواد الحالكة ، ومن دروس نوفمبر يجب التعلم ألا نجعل اليأس والإحباط يسكنان داخلنا وان نعيش دائما على الأمل والتفاؤل بإيمان قوى وراسخ أن العتمة لابد وأن يكون لها نهاية وانه لابد من بعد الظلام أن يأتى النور ليشرق على الحياة مجدداً وأن اليسر قادم لا محالة بعد العسر الذى عشناه طويلاً ..

الأحداث الأخيرة تفرض قضايا خطيرة ومصيرية تخصنا جميعاً وعلينا ان نتعلم كيف نستوعب الاختلافات والتباينات في وجهات النظر واحترام الراي الاخر لنصل جميعا الى نقاط مشتركة تؤسس قاعدة انطلاق نحو مستقبل اجيالنا ، ومن الايجابي ان نتقبل بعضنا بعضا ، فنحن في مركب واحد ويجمعنا وطن واحد ولدينا قضية نبيلة نناضل جميعا من اجل انتصارها وصناعة نوفمبر ثان لتحقيق احلام وتطلعات شعبنا .

لنعزز مبدأ الحوار والتعايش وهزيمة المناطقية المقيتة ومحاربة مشاريع التفتيت والفساد والعمل المخلص للنهوض بأوضاع الجنوب قدما وخدمة قضاياه ومستقبل ابناءه ، والقطيعة الكاملة مع كل من وما يسيء إلى القضية الجنوبية العادلة والى نضالات وتضحيات الناس ودماء الشهداء والنضال المشترك لتحقيق أهداف ثورتنا العظيمة وحلم شعبنا في الحرية واستعادة الدولة .

لقد أثبت نوفمبر العظيم في العام 67 حين تم طرد الاستعمار واعلان الدولة ان الشعوب هي صانعة التغيير وان كفاحها لن يذهب سدى ولا بد ان تجني ما زرعت ولو بعد حين ، تلك هي النهايات العادلة التي يفرزها التاريخ ، وشعبنا شق طريقه الذي عُبد بدماء الالاف من الشهداء ولا يمكن في اي حال من الاحوال السير في طريق غير الطريق الذي اختاره شعبنا وقرره حلما ومصيرا ، طريق الحرية والكرامة واستعادة الدولة رغم تحديات المرحلة التي يجب ان نكون عند مستواها وان نستمد من نضالات وكفاحات شعبنا ما يعيننا على مواصلة الطريق وتجاوز عقباته وان لا نترك فرصة او ثغرة يتسلل منها اعداء قضيتنا وشعبنا .

لنتعلم من نوفمبر المجيد ان الخلاف في الرأي والرؤية امر طبيعي ولا ينبغي له ان يقود إلى إصدار احكام غير منطقية بين من يجمعهم النضال والهدف ، ومهما كان وجه الخلاف فإن الحوار هو السبيل المتاح والحضاري الذي سيفضي حتما إلى ردم الهوة وبناء جسور الود والوصل ، قضيتنا اكبر منا جميعا وتضحيات شعبنا تستحق ان نكون بحجمها وان لا نمنح خصومنا فرصة تمزيقنا وكسر ارادة شعبنا ، وما يعتمل في حضرموت وغيرها هدفه جر الجنوب إلى صدام داخلي لإنهاكه واضعاف مشروعه الكبير ، وخلق جنوب مرتبك لا يقوى على اتخاذ قرار ويسهل اختراقه وبلعه ، ولذلك لا بد من حضور الحكمة وتسييد العقل وافشال مساعي قوى الخراب الحالمة بتحويل الجنوب إلى هامش جغرافي مفكك ، فالأخطر ليس العدو الظاهر الواضح بل الأخطر هو ذاك الذي يغلف مشروعه بالمقدسات ويدس بارودته تحت العمامة وسجادة الصلاة .

اننا جميعا فى سفينة واحدة فان غرقت سنغرق جميعا لن ينجو منها أحد ولا مجال هنا فى الحديث عن فصيل بعينه ، كلنا سواسية الخطر يحاصرنا جميعاً وإن لم نعقل ونتريث ونستقوى ببعضنا سوف يكون الهلاك مصيرنا ولذلك فالمرحلة فى حاجة شديدة للحكمة والاستفادة من العقلاء واصحاب الخبرة والتجارب والمؤمنين إيمانا قويا بأن الوطن لا يستحق منا كل هذا الخراب والصراع والمناكفات وأن لا نحط من قيمة قضيتنا او ان نهوي بمنزلتها ونجعلها لقمة سائغة فى أفواه الحاقدين والطامعين .

ان القضية الجنوبية العادلة ترتكز على استعادة الدولة بحدود ما قبل العام 90 واي قفز على ذلك او انتقاص منه سيكون قفزا بالبلد الى هاوية سحيقة من الحروب والصراعات واللا استقرار ، ولن نجد سوى سلاما هشا غير قادر على الصمود وتزايد وتيرة الارهاب المهدد للمنطقة والاقليم .

الخلود للشهداء والمجد للثلاثين من نوفمبر المشرق الذي نستمد منه الارادة ونستفيد من دروسه العظيمة ونتزود بقيمه النضالية كمحطة هامة من محطات تاريخنا الجنوبي المعاصر .
١٩٦٧/١١/٣٠

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى