قراصنة صينيون يخترقون سجلات التأشيرات السرية البريطانية

عدن اوبزيرفر:كشف تقرير لصحيفة “ذا تليجراف” عن أن قراصنة صينيين مزعومين تمكنوا من الوصول إلى سجلات التأشيرات السرية التي تحتفظ بها وزارة الخارجية البريطانية في هجوم إلكتروني.
ووفق التقرير، استهدفت مجموعة قرصنة تُعرف باسم Storm-1849 خوادم حكومية بريطانية في أكتوبر الماضي، وتمكنت من الوصول إلى سجلات طلبات التأشيرة التابعة لوزارة الداخلية، والتي كانت محفوظة لدى وزارة الخارجية.
وأدى هذا الاختراق إلى تصاعد التحذيرات من احتمال استهداف الصين لتفاصيل تأشيرات حاملي جوازات سفر هونج كونج والمعارضين الذين فروا من المملكة المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن الهجوم الإلكتروني، الذي لم يُعلن عنه في حينه، من المرجح أن يؤدي إلى زيادة المخاوف بشأن النشاط الصيني الخبيث في بريطانيا، في أعقاب انهيار محاكمة التجسس والجدل الدائر حول خطط إنشاء “سفارة عملاقة” جديدة في وسط لندن.
وفي وقت سابق، ألقت دائرة الادعاء الملكية البريطانية باللوم على رفض الحكومة تصنيف الصين كتهديد للأمن القومي في انهيار محاكمة اثنين من المشتبه بهم بالتجسس لحساب بكين في سبتمبر، أي قبل شهر من عملية الاختراق.
واتُهم رئيس الوزراء كير ستارمر بإعطاء الأولوية للعلاقات الاقتصادية مع الصين، رغم التحذيرات، بما في ذلك من جهاز الأمن الداخلي (MI5)، بشأن “تصاعد التهديدات الحكومية” من بكين.
جهاز القرصنة
فيما تحاول الحكومة البريطانية التقليل من شأن عملية الاختراق الأخيرة، أكد متحدث باسم الحكومة أنها تحقق في “الحادث الإلكتروني”، قائلًا: “نحن نأخذ أمن أنظمتنا وبياناتنا على محمل الجد”.
وفي حين أكد وزير الأعمال كريس براينت وقوع عملية اختراق، أصر على أن “الحكومة واثقة جدًا من أنه في التحقيق الذي أجريناه حتى الآن، لم يتضرر أي شخص أو يتعرض للخطر بسبب ما حدث”.
يُعد هذا الاختراق الأحدث في سلسلة من الهجمات الإلكترونية المكلفة، بما في ذلك هجوم إلكتروني روسي مشتبه به على شركة “جاكوار لاند روفر” في أغسطس، والذي أدى إلى توقف إنتاج عملاق صناعة السيارات لمدة خمسة أسابيع، بتكلفة تُقدر بـ1.9 مليار جنيه إسترليني.
وفي الوقت نفسه، كادت أرباح شركة “ماركس وسبنسر” أن تتأثر بشكل كبير بعد تعرضها لهجوم إلكتروني منع المتسوقين من الشراء عبر الإنترنت لعدة أشهر.
وأضاف براينت: “انخرطنا في تحقيق منذ أكتوبر، تمامًا كما هو الحال مع جاكوار لاند روفر وماركس وسبنسر والمكتبة البريطانية وسلسلة كاملة من الهجمات الإلكترونية الأخرى، ويستغرق الأمر بعض الوقت للوصول إلى حقيقة ما حدث بالضبط”.
وفق التقرير، فإن مجموعة التجسس والقرصنة الرقمية Storm-1849، والتي يُعتقد أنها وراء اختراق وزارة الخارجية البريطانية، حددتها وكالات الاستخبارات الغربية كجزء من جهاز القرصنة الموالي للدولة في بكين.
واتُهمت المجموعة باستهداف السياسيين وموظفي البرلمان والمنظمات المنتقدة للحكومة الصينية، باستخدام رسائل البريد الإلكتروني التصيدية والوصول إلى السحابة لجمع معلومات سياسية حساسة.
وتم اتهامStorm-1849 علنًا في مارس 2024، عندما ألقت الحكومة البريطانية رسميًا باللوم على الصين في الهجمات الإلكترونية على أعضاء البرلمان ولجنة الانتخابات.
وقالت هيئة مراقبة الانتخابات في المملكة المتحدة إن التعافي من عملية الاختراق استغرق ثلاث سنوات وكلف 250 ألف جنيه إسترليني، وتمكن خلالها جواسيس بكين من الوصول إلى تفاصيل 40 مليون ناخب.
وفي أكتوبر الماضي، حذَّر المدير العام لجهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5)، كين ماكالوم، من “تصاعد التهديدات الحكومية ضد البرلمان والجامعات والبنية التحتية الحيوية للمملكة المتحدة”، بما في ذلك عمليات القرصنة والتجسس من قبل بكين.
ستارمر والصين
من المقرر أن يجري رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر زيارة تاريخية إلى الصين في أواخر يناير المقبل لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع بكين، رغم تزايد المخاوف الأمنية، ليكون أول رئيس وزراء بريطاني يزور الصين منذ تيريزا ماي في عام 2018.
وفي الوقت نفسه، يتعرض حزب العمال لانتقادات بسبب فشله الواضح في الاستجابة للتهديد الأمني الصيني، من خلال إعطاء الأولوية للعلاقات الاقتصادية.
واتُهمت الحكومة الحالية بالتقرب من الصين عبر سلسلة من الزيارات، إذ زار ديفيد لامي بكين وشنغهاي في أكتوبر من العام الماضي بصفته وزير الخارجية آنذاك، تلتها راشيل ريفز وزيرة الخزانة في يناير الماضي، سعيًا وراء مزيد من التعاون الاقتصادي مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
كما قام ديفيد ميليباند، وزير الطاقة، بزيارة الصين في مارس الماضي لإجراء محادثات حول المناخ والطاقة، وتبعه جوناثان باول، مستشار رئيس الوزراء للأمن القومي، في شهري يوليو ونوفمبر.
وفي المقابل، تساءلت لجنة الاستخبارات والأمن بالبرلمان مؤخرًا عما إذا كان يتم “تجاهل المخاوف الأمنية لصالح الاعتبارات الاقتصادية”.
ويتيح قانون الأمن القومي لعام 2023 نظامًا ذا مستويين للقوى الأجنبية، ما يسهل على بريطانيا مواجهة التهديدات من الدول المعادية.
ويتطلب المستوى الثاني “المشدد” من أي شخص يعمل لصالح دول مصنفة كتهديد من الدرجة الأولى أن يُفصح للسلطات عن أنشطته التي يقوم بها نيابة عن قوى أجنبية، ويعاقب على عدم القيام بذلك بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
لكن حتى الآن، لم تُدرج سوى روسيا وإيران في المستوى المُعزز، وأرجأت الحكومة اتخاذ قرار بشأن إضافة الصين إلى هذا المستوى.



