إرادة شعب لا تُكسر

تجاوز القضية الجنوبية أو القفز على ممثليها الحقيقيين ليس خيارًا سياسيًا آمنًا، بل خطأ استراتيجي جسيم، نتائجه لا تُقاس بلحظتها بل بارتداداتها على أمن الجنوب والمنطقة.
فحين يُهمَّش الجنوب، لا ينشأ فراغٌ بريء، بل مساحة مفتوحة يتمدد فيها الحوثي وتستثمرها إيران.
الجنوب لم يكن يومًا عقبة أمام الاستقرار، بل كان ضحيته، فقد دخل الوحدة باعتبارها مشروع شراكة متكافئة، وقدّم لها ما لم يقدّمه غيره، لكن ما جرى لاحقًا حوّل الحلم إلى عبء، والشراكة إلى إقصاء، والدولة إلى أداة إلغاء، حتى سقطت الوحدة من وجدان الناس حين سقط العدل من ممارساتها.
ورغم كلفة التجربة، لم يتخلَّ الجنوبيون عن وعيهم ولا عن حقهم، فمطالبتهم اليوم باستعادة دولتهم ليست نزوة سياسية، بل نتيجة تاريخ طويل من الإخلال بالاتفاقات وغياب الضمانات وانعدام العدالة.
وهو حق لا تلغيه التحالفات ولا تُعيد صياغته موازين القوة.
من يظن أن بإمكانه إعادة توجيه إرادة الجنوب أو احتواء تطلعاته، يخطئ قراءة التاريخ والجغرافيا معًا، فلا دول التحالف ولا أي قوة أخرى قادرة على ثني شعبٍ قد حسم خياره، وقدّم أثمانه، ويعرف تمامًا إلى أين يتجه.
الاعتراف بإرادة الجنوب اليوم ليس تنازلًا سياسيًا، بل إجراء وقائي لحماية الأمن الإقليمي.
أما تجاوزها، فمقامرة مفتوحة العواقب.
*شوقي الجحافي*



