كتاب عدن

أزمة جمعية !!

مايو 23, 2022

محمد علي محسن

بالروح بالدم نفديك يا زعيم ، نفديك يا شرق ، نفديك يا غرب .. ثورة ثورة يا شمال ، ثورة ثورة يا جنوب ، الشعب يريد اسقاط النظام ، لا جمهورية ولا حزبية ولا ديمقراطية ولا حكومة بعد اليوم ، وهكذا دواليك من الهتافات الجمعية …

هذه هي سيكولوجية الجماهير ، وفق توصيف الفيلسوف الفرنسي ‘ غوستاف لو بين ‘ في مؤلفه ” سيكولوجية الجماهير ” .

وبكلمة مقتضبة البشر يتصرفون بحسب منطق ” لو بين ” بلا شعور وبجموح عدواني ، فيكفي أن تكون فردًا في القطيع ، ستجد ذاتك منساقًا ضمن الجموع ، وبهم ومعهم تفعل أشياء مجنونة غير واعية وغير مألوفة لك ..

فماذا يعني أن تلهج وبحماسة زائدة لأجل حاكم فاسد أو مستبد ؟ وماذا يعني أن تنذر دمك ومهجتك لأجل وطنك وفي ملعب كرة أو ساحة عامة وليس في جبهة قتال ؟ فكيف إذا ما كان الهتاف هنا موجهًا لجهة جغرافية كي تثور وتحقق فعلًا بشريًا ؟..

وإذا كان العالم يدين الفضل للطبيب النفسي العبقري ” ادموند فرويد “الذي يحسب له تحليل النفس البشرية للفرد وإبراز أثرها وخطرها على السلوك الجمعي ؛ فإن عالمنا ينبغي أن لا يغفل الفيلسوف الفرنسي لو بين .

فبفضل اكتشافه العبقري صرنا نعي ونفهم كيف أن إعتلال النفس الواحدة أقل خطر وضرر من اعتلال النفس الجمعية ، فحالة الفرد وأيًا كان جنونها أو تصرفها يبقى أثرها محدودًا وفي نطاق ضيق .

أما إذا ما أصيب مجتمع ما بأزمة نفسية جمعية فإن النتائج تكون كارثية ومأساوية ،فلم يكن ادولف هتلر ، موسوليني ، بينو شيه ، بول بوت ، ستالين ، بشار ، القذافي ، عبد الملك الحوثي والقائمة طويلة ؛ سوى تعبيرًا صارخًا لتلك الانفعالات والرغبات الجامحة في أعماق الجماعات الإنسانية المحيطة بالفرد .

وهذه مجرد نماذج لحالات إعتلال نفسية عانت منها المجتمعات في لحظات إنكسارها ، والتاريخ الإنساني زاخر بمثل هذه الإرتكاسات الجمعية التي تكون نتائجها وخيمة وكارثية على مجمل الحياة والبشر ..

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى