مقالات

وهم حل الدولتان!

لفت انتباهي أمس منشور لم أتمكن من الردود عليه ونسيت كاتبه: إسما عيل هنية: ماذا يقصد بـ”نحن”؟! وردان عليه، أحدهما قال: أنه يتحدث عن نفسه بصيغة التفخيم! وآخر: حما س تضخمت ولم تعد ترى غير نفسها لا الشعب ولا الفصائل التي تشارك معها في الحرب!

مصطفى إنشاصي
نحن لها معنيان:
الأول: تضخم الأنا لدى حما س فلم تعد ترى إلا نفسها وذلك له علاقة وثيقة بفهمها الحزبي للإسلام الذي انعكس على علاقتها بالوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه، وقد تضاعفت الأنا لديها ولم يعودوا يخفوا ذلك قبل أسبوعين تقريباً انتشر مقطع فيديو جزء من درس لأحد مشائخهم يقول فيه:
نحن الأمة الجديدة، وأنهم المعنيون في قوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ ۚوَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} (الجمعة: 3)! وعقب قائلاً: نحن {وَعْدُ الآخِرَة}، وذكر بالاسم جماعة حسن البنا!
المعنى الثاني وغالباً هو المقصود؛ له علاقة بالأحداث السياسية المصاحبة للحرب، فأمريكا والغرب يضعون سيناريوهات لحكم غزة بعد وهم القضاء على حما س، ومنها إعادة تسليمها للسلطة الفلسطينية ضمن تسوية أساسها وهم (حل لدولتين)، وإسما عيل هن ية في رؤيته للحل الشامل وإنها الحرب طرح أن يفتح أفق لمفاوضات سياسية تنتهي بدولة فلسطينية في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشريف! وقد صدرت تصريحات من بعض قادة حماس خاصة أسامة حمدان الذي شكك في وطنية السلطة إن قبلت بذلك وعادت على ظهر الدبابة الأمريكية وأنها ستكون مكروهة من الشعب!
فهن ية في تشديده وتكراره على كلمة “نحن” يحاول توصيل رسالة للمنشغلين بوضع سيناريوهات حكم غزة بعد الحرب مفادها: أن أي مفاوضات ستتم حول حل الدولتين يجب أن تكون معنا نحن (حما س) وليس أحداً غيرنا، معتبراً أن حماس هي الشرعية بحكم الحرب والوضع القائم، التي يجب التفاوض معها وليس السلطة!
لا يعنيني الحديث في السياسة ولا ما أكتبه تحليل سياسي إنما هو حقائق دينية وتاريخية لا يريد أن يدركها الباحثين عن تسوية وليس حل سياسي وحق تقرير المصير .. ويكفوا عن تضييع مزيد من الوقت، وذلك سبق أن نصحت به وجهاً لوجه الراحل أبو عمار، الرئيس ياسر عرفات عام 1985، في معسكر الثورة في ولاية تبسة شرق الجزائر، ونصحت به حما س أيضاً عام 2005:
كفى الوقت الذي ضاع، ولا داعي لمزيد من ضياع الوقت، أمريكا و(إسرائيل) لن يعطوك دولة!
ذلك الحل الشامل كان كذبة من العدو والغرب وعدت به قيادة منظمة التحرير عام 1968 وتيقن عرفات من ذلك بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 وفجر انتفاضة الأقصى بعدها!
وهم وعود حل الدولتين راجع لجهل الواهمين به بما تمثله الضفة الغربية (يهودا والسامرة) في المشروع الصهيوني توراتياً وتاريخياً وسياسياً و…، بما يَعني أن بقية جغرافية فلسطين سايكس – بيكو أو اﻻنتدابية لا تساوي شيء إن تنازلوا عن الضفة الغربية، وكل وجودهم فيها لا مبرر له، ويذهبوا يلغوا توراتهم وتاريخ 2500 سنة من الذل والقهر من أجل تحقيق وهم وعد الرب بالسيادة اليهودية العالمية! هم لو أدركوا أن الضفة الغربية هي الدين والتاريخ كله لبني إسرائيل والقبائل العربية الأخرى التي تهودت، وليس ليهود الخزر الحاليين الذين لا علاقة لهم بكل ذلك التاريخ، ما كانوا توقفوا معه لحظة وليس أن يعيدوا تكرار أن يصبح الوهم حقيقة!
ذلك الوهم رد عليه العدو الصهيوني منذ شهور طويلة بإعلانه ضم الضفة الغربية والقدس خاصة إلى الأراضي المحتلة عام 1948، والعودة لاستكمال بناء الجدار الفاصل تنفيذاً لخطة (الانطواء) التي طرحها شارون بعد فك الارتباط مع غزة من طرف واحد عام 2005، لتكون بعد استكماله فك ارتباط مع الضفة من طرف واحد أيضاً، وما تبقَ من كنتونات ستكون هي الدولة، بلا سيادة على الأرض، ومنزوعة السلاح، ويتحكم في حركة سكانها العدو الصهيوني!
الجغرافية من بين النهر والبحر لا تتسع إلا لشعب واحد هو جزء أصيل تاريخياً ودينياً وثقافياً من نسيج محيطه الجغرافي، هو الشعب الفلسطيني ولا شعب غير الشعب الفلسطيني …

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى