د . احمد عبداللاه – عدن اوبزيرفر https://www.adenobserver.com موقع إخباري مستقل Sun, 28 Jan 2024 17:13:17 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.4.4 https://www.adenobserver.com/wp-content/uploads/2022/05/cropped-logo-32x32.png د . احمد عبداللاه – عدن اوبزيرفر https://www.adenobserver.com 32 32 الجنوب الذي أهمله الأشقاء سيكون حجر الزاوية https://www.adenobserver.com/read-news/99142/ https://www.adenobserver.com/read-news/99142/#respond Sun, 28 Jan 2024 17:13:17 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=99142 احمد عبد اللاه :

لم يعد اليمن (الشمال) متصالحاً مع التاريخ والجغرافيا، ولم يعد مستقلاً بطبيعته ومنهجه أو بمواقفه وعلاقته بمحيطه، بل أصبح جزءاً من منظومة اقليمية، طائفية، وعضواً أساسياً وفاعلاً في حلف عقائدي فولاذي يتبع نظام ولاية الفقيه. وأصبحت طهران هي عاصمة العواصم والمركز المقدس، وباتت ضاحية بيروت أقرب إلى صنعاء من صنعاء ذاتها ومليشيات العراق أهم وأعلى شأناً من أحزاب اليمن ومن تاريخ وحاضر “الحركات الوطنية والسياسية”. لقد انصهر اولئك جميعاً في حضن راعيهم ومولاهم في محور واحد، لا يكاد يشتكي طرف حتى يتداعى له الآخرون بالنفير والإسناد. ولديهم هدف واحد وبواعث مشتركة وعقيدة صلبة تضعهم في (رباط) متين قابل للحياة لعقود. وربما يتغير بهم وبفشل خصومهم وجه المنطقة.

القوى الوطنية (كما تسمى) بجيوشها وخبرتها ومكرها التاريخي فشلت في منع ذلك الانزلاق إلى كهوف الماضي البعيد. كما أن (الشق السني) من الإسلام السياسي، الذي يشكل الوجه الآخر للأزمة، مقيّد عقائدياً بأولويات غير وطنية يختار على أساسها مواقف انتقائية داخلياً وخارجياً. أما ما تبقى من النخب القيادية ومن قواعد الأحزاب فقد تفرق شملها وأصبحت ضعيفة خارج جغرافيا الفعل الحقيقي ولزمن طويل.

لم تبق إذن أي مساحة للوهم. لقد فك اليمن ارتباطه فعلياً بتاريخه.. بالملكيات القديمة والجمهوريات وبكل “اليمنات” بطبقاتها السياسية و زخمها الاجتماعي، وحتى المستقبل الذي تم بناء أقاليمه بزخارف الجص الصنعاني الملون على طاولات “الموفنبيك” تم سحقه نهائياً ولم يعد احد يتذكر تلك النشوة المهرجانية في لهجة الثوار المصنعين إعلامياً (حينها) أو في تأتأة المشائخ.

وعلى خلفية تلك الحقائق يصبح أي حديث عن الأقاليم، مجرد واحدة من الحيل التكتيكية، أدمنت عليها بعض القوى التي أثبتت منذ تأسيسها عجزاً مستداماً عن تحقيق أي نجاح أصيل وثابت. كما أنها خطوة في سياق المحاولات المتكررة لرمي الشباك بين أقدام الجنوبيين كي يتعثروا بها و تتوه مساراتهم. وهذا سلوك من يمتهن التربص السياسي عند كل استحقاق ويثبت أن لا همّ له في كل التراجيديا اليمنية سوى تفريغ قضية الجنوب من محتواها الحقيقي.

لقد استكمل أنصار الله انتزاع الدولة والشعب والمستقبل، ويتحولون تدريجيا إلى قوة إقليمية خطرة بعد تسع سنوات من عجز التحالف والشرعية، و لديهم طريق مختلف ومستقبل دولتهم واضح المعالم والمسار حتى وإن ذهبوا في عملية سلام فإنهم سيأخذون كل ما يفيدهم ويتركون الآخرين خلف ظهورهم.

الجنوب، من ناحيته، ليس أرضاً مسجلة في (الشهر العقاري) باسم حكام صنعاء أو بإسم أحزابها وجماعاتها ومذاهبها، كلما ذهب حاكم تحولت الملكية إلى الحاكم الجديد وكلما تغير نهج ونظام أصبح على الجنوب أن يتغير وفقاً لذلك. وشعب الجنوب ليس مرتهن للمفاهيم النظرية العقائدية و “الهوية المركّبة” ومسوغاتها الجغرافية حين تصبح حياته على المحك. إنه ببساطة غير متاح للتبعية أو للأقلمة أو للتجزئة. و هو وحده من يختار مستقبله وقد تجاوز كل صنوف الصدمات المفتعلة و موجات التضليل وتضافر الإرهاب الإعلامي والتخريجات الالتفافية التي تسعى إلى تحويل حقائقه إلى وهم ووهم الآخرين إلى حقائق.

الجنوب له تاريخ وهوية وطنية وسياسية وثقافية، قاوم خلال قرون طويلة محاولات الغزو والضم، ويعتبر أن مسيرته منذ بدء الحراك الجنوبي تندرج في ذلك النسق التاريخي من حروب الدفاع والحفاظ على الهوية ولا يمكن وضعها في سياقات مختلفة.

الجنوب، الذي أهمله الأشقاء، سيكون حجر الزاوية. و الأحداث تثبت في كل مرحلة بأن دولة الجنوب لم تعد خياراً محلياً وإنما ضرورة للجميع وشرط رئيس للسلم والتوازن الإقليمي. ومع اهمية دعم الجيران لكن الجنوب لا يأتي إلا من داخله أولاً، من خلال توجيه كل الجهود ١٠٠٪؜ لإعادة اللحمة. و سيفعلها الجنوبيون لأنه لا يوجد طريق آخر.

احمد عبد اللاه

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/99142/feed/ 0
صنعاء بين سبتمبرين..! https://www.adenobserver.com/read-news/54427/ https://www.adenobserver.com/read-news/54427/#respond Sun, 25 Sep 2022 22:32:06 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=54427

د . احمد عبداللاه

بين مَلَكية شابّة مُقَنّعة وجمهورية شاخت وتآكلت تتأرجح صنعاء ومعها سبتمبر (المنقسم) ما يزال يحمل أسفاراً على بوابة تاريخ يؤلفه الأضداد في الداخل والخارج.

في الحدث السبتمبري الذي أسس عهداً لا عهد له خرجت صنعاء فعلياً من يد “الرئيس” ومن يد “الزعيم” ومن يد “الشيخ” ومن أيدي راكبي الثورات ومحدثي هزات الميادين والميديا ومخترعي الشهادة في سبيل الفوضى. خرجت في ليلة ليلاء واختفت في جيب الإمام المستجد.. فانسحبت “هامات ورموز” كان ينبغي عليها أن تُظهر نوعاً من التماسك والصمود وتثبت لشعبها أنها حاولت بدمائها… وأن للحرية ثمن باهظ هي قادرة أن تدفعه. لكنها لم تفعل بل تهاوت مثل كوخ من القش تاركةً خلفها صدى صياح الجماهير في ساحات “إرحل”.. صدى الدماء النازفة، وصليل السواعد العفوية التي ارتفعت ثم انكسرت كعيدان القصب… لتؤكد بأن من يركب الثورات بحثاً عن سلطة لن يكون مؤهلاً للدفاع بدمائه عن وطن، فالأوطان في قاموسهم حفنة تراب إما أن تحكمها أو أن تجرها نحو الانهيار لتُروى بدماء ساكنيها.

هناك صنعاء ما تزال بانتظاركم أيها الأخوة “المتعطشون لرائحة الحرية” التي ادعيتم زراعتها في دوّار الجامعة حين ضربت اقدامكم أرضاً هشة أخرجت من جوفها صهارات حملت كل أوساخ الحقب المدفونة وما لبثت بعد “حواركم” أن تدفقت وتشعبت حتى طاحت حريتكم وهاجرت في أرض الله المختنقة ب”كاربون” العقائد المتصارعة.. فهل تستعيدونها أم تستعيدكم؟

لم تعد هناك جمهورية عدا إسم على ورق ولم تعد هناك وحدة عدا لقب ذابل، منشور على حبل غسيل فضائي متشنج، ولم تعد هناك نخب سياسية حقيقية عدا أسماء مستقرة في عمق جراحات هذا البلد. وكأن صنعاء تقول مهما كانت صفة الطرف المنتصر الآن فالأمر لا يتعدى أن يكون تبادل مواقع بين الموتى، فجميعهم ينتمون إلى الأزمنة الغابرة.

لقد (قرف) الشارع من النخب السياسية بدءاً باليمين الديني وانتهاءاً بالأحزاب الوطنية واليسارية والقومية المتهالكة ورأينا مؤخراً كيف (نفَخَها) الشارع التونسي الفذ بعفوية خارج حلبة المنافسة واستبدل كل الماضي بوجوه لا تمت إليه بصلة. وهذا مؤشر على أن ما يحصل داخل الشعوب لا يشابه ما يروجه الإعلام والنخب.

وإذا عدنا إلى حقيقة أن اختلال المدركات في الواقع عند القارئ النخبوي ينم إما عن جهل شديد أو عصبية مفرطة فإنه وفي السياق يمكن الإشارة إلى أن المفاهيم والإصطلاحات التي يكرسها ساسة ومثقفون ورجال دين حين تبتعد عن مدلولاتها الحقيقية في الواقع والحياة فإن ذلك يشير إلى خلل في منظومة القيم وينذر بمراحل ظلامية من تاريخ شعب أو أمة. ذلك هو ما أصيبت به صنعاء الجميلة منذ زمن جراء تدافعات قوية على مستوى الخاصة والعامة وأنتجت صراعاً مشوهاً وتحولات كارثية. ومع ذلك ما تزال النخب السياسية على اختلافها تفرض تلك الاصطلاحات التي لا تجد ما يشابهها على الأرض.. ما يعني الإصرار على التمسك بالقديم والتشبث بالمصالح! فأين الجمهورية في وجه الإمام الحوثي؟ وأين الوحدة العادلة والديمقراطية في وجه الاخونجي المتجمد الذي لا يؤمن بفكرة الوطن؟ وأين الوطن الكبير في وجه من يعتبر الآخرين مجرد رعايا واتباع؟

صنعاء ليست غرناطة، ومن هاجروا منها ليسوا مورسكيين هربوا بدينهم من شبه الجزيرة الإيبيرية. أما “فتحها” فلم يعد متاحاً لا حرباً ولا سلماً لكنها في أغلب الظن ستستقبل العائدين فرادى وجماعة في عملية تتم ببطء عن طريق “التفويج المتدرج” فمجريات الحرب منذ خمس سنوات عززت هزيمة الشرعية التي حلت بها في عشية ٢١ سبتمبر ٢٠١٤.. بل قدمت مبررات تلك الهزيمة أمام العالم.

صنعاء أسيرة مصابها، واليمن جميعه بحاجة إلى هواء تجدده الفضاءات الرحبة… والاعتراف بالواقع وفهم طبيعة الصراعات الجارية هو بداية تحديد شكل ونوع الأزمة الذي يمهد للانتقال إلى بدء رحلة الخروج منها. عدا ذلك سيظل الخطاب السياسي يدق في طبول لا تنتظم مع حركة الواقع والوقائع.

في خاتمة المطاف الصنعاني يمكن القول بأن تلك المدينة لا تسكن على جبل النار المطل على بحر قزوين كما أنها لا تقيم على منحدرات جبل نمرود.. وإنما متشبثة بالسلسلة (البلدي) التي تأتي من خلفها غيوم الصيف المهاجرة من وسط أفريقيا.. تحيطها منذ الأزل مهما اختلف حكامها لتبقى عاصمة بلد الهموم المتوارثة حتى تتحرر من القوى الدينية الظلامية والعسكرية القبلية وتفتح سماواتها نحو مستقبل مختلف تحمله سواعد من يهتفوا.. بلد الهموم نحن هنا.

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/54427/feed/ 0