مصطفى نعمان – عدن اوبزيرفر https://www.adenobserver.com موقع إخباري مستقل Tue, 31 Jan 2023 13:41:19 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.4.4 https://www.adenobserver.com/wp-content/uploads/2022/05/cropped-logo-32x32.png مصطفى نعمان – عدن اوبزيرفر https://www.adenobserver.com 32 32 تعقيدات السلام في اليمن https://www.adenobserver.com/read-news/61786/ https://www.adenobserver.com/read-news/61786/#respond Tue, 31 Jan 2023 13:40:09 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=61786 مصطفى النعمان

تبذل السعودية جهوداً قدمت فيها تنازلات غير سهلة لإنجاحها ومن ثم إغلاق ملف الحرب في اليمن، وقدمت مبادرة لإيجاد أرضية مشتركة تقنع الأطراف اليمنية بالجلوس إلى طاولة واحدة يناقشون ويتفقون على التزاماتهم الأخلاقية والوطنية، وعلى رغم عدم ظهور نتائج بارزة للعيان، إلا أن استمرار الهدنة مؤشر إلى إمكانية التوصل إلى خلق مساحات أوسع لتفاهمات تسمح بالاتفاق عليها بين القوى المسلحة.

وكان متوقعاً أن يصاحب هذه الهدنة تقدم في بقية الملفات، خصوصاً الإنساني منها، مثل ملف الأسرى والمرتبات وفتح الطرقات، وبوجود تفاهم سعودي – عماني تعمل الدولتان على لعب دور يقترب من حد الوساطة بين جماعة “أنصار الله” الحوثية والحكومة اليمنية، فإن القضايا كلها ما زالت تراوح مكانها وتظهر حتى الآن عدم جدية الأطراف اليمنية في الوصول إلى مرحلة الاتفاق السياسي.

وتصر الحكومة على تثبيت المرجعيات الثلاث أساساً لأي مشاورات مقبلة (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني وخصوصاً قرار مجلس الأمن رقم 2216) والواقع أنه تم تجاوز المبادرة الخليجية نتيجة اتفاق غير مكتوب بين الأحزاب كافة مع “الجماعة” لإسقاط حكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة والتوقيع على “وثيقة السلم والشراكة الوطنية” في 21 سبتمبر (أيلول) 2014. في المقابل، فإن “الجماعة” تضع شروطاً أهمها عدم الربط بين الملف الإنساني وبقية الملفات السياسية والعسكرية، أي إنها ترغب في تحقيق مكاسب تبرر بها لجمهورها تغيير مواقفها، وهو أمر يبدو مشروعاً سياسياً، لكنه في الوقت ذاته معرقل للسير قدماً في مسار التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب نهائياً، كما أن القرار رقم 2216 تجاوزته المتغيرات الجذرية على الأرض ودخول قوى مسلحة لم تكن موجودة حين صدوره.

اليوم أصبح الحديث عن التوصل إلى هدنة طويلة فكرة يتمناها اليمنيون الذين تحاصرهم الأمراض والفقر والدمار وقلة الحيلة، وفي الوقت ذاته تضع أعباءً أخلاقية على “الجماعة” إذ تدرك أن مقتضيات السلام أكبر وأعباءه أثقل، وهذا يتطلب منها تنازلات وطنية تنعكس على معيشة الناس وحرياتهم في مناطق سيطرتها، كما من المؤكد أنها تشعر بتنامي المقاومة الداخلية ضد إجراءاتها التعسفية المقيّدة للحريات العامة والخاصة، وكذلك الممارسات غير المعقولة التي يقوم بها المرتبطون بها وهم الذين لم يعتادوا العمل ضمن أطر مؤسسات تحكمها قواعد العمل في الشأن العام وقيوده.

من جانب “المجلس” والحكومة، لا تخطئ العين إدراك العجز عن التعامل مع القضايا التي ينتظر المواطنون منهما معالجتها سواء كان على صعيد الخدمات، أو تثبيت الأمن، أو وقف تدهور العملة، أو ارتفاع معدلات التضخم، فضلاً عن غياب “المجلس” طويلاً من دون أن يفهم الناس المسببات الحقيقية والمقنعة، ومن المستغرب أن القرارات الصادرة لم تتوقف عن إنشاء وظائف ومسميات محملةً الموازنة العامة مصروفات جديدة لا تقوى موارد الدولة على مواجهتها.

إن التعقيدات التي تقف حجر عثرة أمام المسار نحو السلام تتكاثر لأن القوى المسلحة والمجهزة عتاداً وعقيدةً تتحرك ضمن خطوط مذهبية ومناطقية مما يجعل التفكير في إنشاء جيش وطني موحد أمراً غاية في الصعوبة لأن هذه القوى غير ملتزمة بالانضباط ضمن القواعد العسكرية المتعارف عليها، ويدرك الجميع أن الفرق المسلحة التي أفرزتها الحرب تعمل بعيدةً من سيطرة وزارة الدفاع التي تعاني بدورها من التسيب في صفوفها وعجز قيادتها على إخضاع “الجيوش” كافة، التي تعمل بشكل مناطقي واضح، قيادةً وأفراداً.

وإذا ما أضفنا إلى ذلك استمرار إدخال قوات غير نظامية إلى قوام الجيش عشوائياً ومن دون تفكير في مخاطر هذا الخليط العجيب بين عسكريين محترفين وميليشيات لا أحد يعلم أهدافها النهائية ومدى ولائها الوطني.

ثم هناك تعقيد سببه القرار غير المدروس في نقل المقر الرئيس للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن ما تسبب في خلق سوقين للعملة اليمنية لا تعملان بآلية واحدة، على رغم كل المحاولات والمقترحات للتنسيق بينهما. ومرجع الفشل هو أن القرار لم يعد اقتصادياً صرفاً، بل صار مرتبطاً بالقرار السياسي في عدن وصنعاء وبمجريات الحرب بعيداً من مصلحة الناس.

ولا بد أيضاً من فهم أن الاتفاق على اعتبار عام 2014 كسنة الأساس في صرف المرتبات، تبدو معالجته بسيطة على السطح، لكنه في الحقيقة يحمل في طياته تعقيداً يحاول الجميع إما التغاضي عنه أو تركه كوسيلة للانسحاب من كل الالتزامات الأخرى.
وهنا يتناسى كثيرون أن الخطأ بالأساس كان من جانب الحكومات المتعاقبة منذ عام 2015 حين قررت التخلي عن مسؤولياتها في دفع مرتبات كل موظفي الدولة بحسب كشوفات عام 2014، واكتفت بالإنفاق على الذين تمكنوا من اللحاق بها في المهجر، ومما سيزيد التعقيد أن الطرفين أدخلا إلى الخدمة أعداداً متضخمة من الموظفين إلى قوام الخدمة المدنية، فضلاً عن الجيش والأمن، ومن غير الممكن أن يقبلا بشطبهم دون التعرض إلى المشكلات الاجتماعية والمناطقية، التي ستنتج من تسريح أعداد كبيرة تم ضمها دون تأهيل ودون كفاءة ودونما التزام قواعد الوظيفة العامة كما حدث وما يزال في وزارة الخارجية وفي القوات المسلحة.

ما يبدو غائباً في المعادلة المعقدة هو تواري الالتزام بالولاء للوطن والدستور عند الممسكين بزمام السلطة، مما يجعل من فكرة التوصل إلى بداية في مسار السلام المستدام أمراً ليس بقريب، وصار الدفاع عن المصالح الخاصة أو المناطقية أو المذهبية هو المحرك الأهم لكل القرارات التي يتخذونها ويدافعون عنها.

إن فكرة السلام ليست محصورة في وقف الاقتتال، ولكنها تعني أيضاً وجوب استعادة الضمير الوطني الجامع والمشترك عند اليمني البسيط، والغائب عند حكام اليوم في عدن وصنعاء الذين يدركون أنهم لا يعيشون ولا يقتاتون إلا على الحرب وضحاياها.

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/61786/feed/ 0
اليمن وخطر فوضوية “المجلس” https://www.adenobserver.com/read-news/57123/ https://www.adenobserver.com/read-news/57123/#respond Tue, 27 Dec 2022 15:45:16 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=57123  

ليس من المبكر مطالبة مجلس القيادة الرئاسي اليمني بجردة حساب عما حقق منذ تشكيله في السابع من أبريل (نيسان) 2022، فمن المنطقي أن فترة ثمانية أشهر التي مرت ليست قصيرة على الإطلاق، باعتبار أن “المجلس” تم اختياره لإنجاز مهمات عاجلة في مقدمها التهيئة لمشاورات السلام مع جماعة “أنصار الله” الحوثية، بحسب نص الإعلان الذي قرأه وزير الإعلام نيابة عن الرئيس عبدربه منصور هادي، ثم أكده البيان الختامي لمشاورات الرياض الذي تلاه رئيس الحكومة نيابة عن المشاركين.

في واقع الأمر فإن “المجلس” لم يتمكن حتى هذه اللحظة من وضع هيكل تنظيمي لأعماله، وما استطاع تدبير مقر دائم لنشاطاته، وعجر عن إقرار لائحة تنظيمية تبين مهمات الأعضاء، وذلك على رغم أن البيان حدد بدقة صلاحيات رئيسه، لكنه ألزمه في المقابل بالتشاور مع بقية الأعضاء السبعة قبل اتخاذ أي قرار. وهذه العوامل التي عجز عن تأمينها “المجلس” تشكل أساساً مهماً لعمله، وعدم تحققها يصيب صدقيته وقدرته على تقديم حلول عاجلة واتخاذ قرارات تضمن الاستقرار وتحدد مستقبل البلاد، ومن دونها سيظل يعمل بأسلوب غير منظم وسيدخل في حال صراع وظيفي مبتعداً من مهمته الحقيقية.
صحيح أن العمل السياسي الجماعي في العالم العربي عموماً وفي اليمن خصوصاً لم يبلغ النضج الذي يسهم في صنع القرار وانتقاله بسلاسة من القمة إلى قاع المؤسسات، وغالباً ما يتم اختزاله باحتكار نفر قليل له. ولما كان الأمر يجري من دون دراسة جادة للأوضاع المحيطة فإن صانع القرار يعتمد على الانطباعات الشخصية والمعلومات التي يستقيها من أهل الثقة قبل الالتفات إلى الكفاءات وأصحاب التجربة. وتكون النتيجة الطبيعية إصدار قرارات مشوهة تؤثر في العمل المؤسسي المنشود وتزيد من فقدان الثقة في أهليته.

عملية عشوائية

توقع كثيرون أن يكون أول عمل للمجلس هو إنجاز ملء الوظائف التي تحددها لوائح عمل مكتب رئاسة الدولة، وفيها من التوصيف الوظيفي ما يكفي لحسن الاختيار، ولكن الذي حدث كان عملية عشوائية، وإلى هذه اللحظة لا يعرف المواطن وربما أعضاء المجلس كيفية إدارة المشهد الإداري في قمة هرم الدولة. فيصبح من غير الممكن انتظار انضباط أعمال “المجلس” والتيقن من حسن اختيار العاملين في القطاعات المختلفة.
من الإجراءات المتكررة وشديدة الخطورة التي يمارسها “المجلس”، مناطقية الاختيارات للوظائف المختلفة التي تم التعرف عليها ويثار لغط وشكوك كثيرة حولها. فعلى سبيل المثال تثار أسئلة كثيرة حول التعيينات التي جرت في المؤسسة القضائية ويقال إنها تمت بخطوط مناطقية صرفة، وليس هذا تشكيكاً في كفاءة ونزاهة المختارين، ولكن الحقيقة أن معايير الانتماء الجغرافي كانت واضحة بفجاجة ومسيطرة على قوائم المعينين.

حالياً يجري تثبيت الخطوط الجغرافية بما لا يتيح فرصة إعادة مكانة واحترام الوظيفة العامة، وليست القضية مقتصرة على الجهاز المدني فالحديث الذي نسمعه ويتم تداوله هو الرغبة في انضمام الوحدات العسكرية والفرق الأمنية التي تم تجنيدها خلال الحرب كـ “مقاومة وطنية” ضد الوحدات العسكرية التي شكلها الحوثيون، وجرت عملية قسرية عبثية في منح الرتب العليا بعشوائية على غير منتسبي المؤسسة العسكرية، وسيكون من غير المعقول أن يجري ضم ودمج هذه الوحدات التي لا تعترف أصلاً بالنظام العسكري وجرى تشكيل أغلبها بخطوط مناطقية ومذهبية.

محاولة تنبيه

إنني حين اركز ملاحظاتي على عجز “المجلس” فإن ذلك ليس أكثر من محاولة تنبيه للمخاطر التي سيواجهها ويجر معها البلاد والمواطنين، ومن هنا فإن أعضاءه مطالبون بوقف كل التعيينات وإعادة النظر في ما تم خلال الفترة الماضية، وقبل كل ذلك الامتناع عن إفساد معايير الخدمة المدنية والمؤسستين العسكرية والأمنية، لأن استمرار هذا العبث سيحجب كل فرص خلق نموذج يتطلع إليه الناس باحترام بعيداً من البيانات المتكررة التي لم يعد الناس يثقون بها.
وأعيد لمرة ربما لن تكون الأخيرة، أن الشفافية في اتخاذ قرارات التعيين وإعلانها أمر واجب وملزم، وهناك قضايا شديدة الاستعجال يجب حسمها وهي لا تحتاج إلى أكثر من تفعيل القوانين واللوائح المرعية وإبداء الحد الأدنى من احترام النص الدستوري.

لقد انتهت فترات عمل كل سفراء الجمهورية والعاملين في البعثات عدا من تم تعيينهم خلال العام الحالي، وإذا كان “المجلس” جاداً في احترامه للرأي العام وللدستور فإن عليه استدعاء كل رؤساء البعثات من دون استثناء ومن دون مجاملة، وإعداد دراسة جادة عن أهمية وجود هذا العدد المتضخم من السفارات والموظفين الذين تم تعيينهم بصورة غير قانونية ومن دون وجه حق. فإلى جانب عدم الحاجة إليهم فالأمر متعلق أيضاً بحكومة مفلسة لم تحدد أولوياتها المالية والإدارية ومن غير المعقول أنها لا تعلم يقيناً ما يجب أن تفعله ومن دون تلكؤ.

لا جدية ملموسة

سيظل انتقاد الناس لـ “المجلس” قاسياً لأنهم لم يجدوا ما يشي بالجدية في تحقيق المؤمل، ولا يمكن القول إن الذي يتحقق من مشاريع تنموية على بساطتها هي من فعله أو من فعل الحكومة، لأنها جميعها ممولة من دول الإقليم، كما أن عدداً منها تم الاتفاق عليه مع الحكومات السابقة، وتوقف التنفيذ لأسباب إدارية حيناً وسياسية أحياناً كثيرة.

وهنا أعود للقول إنه من غير الممكن استمرار عمل “المجلس” بهذا الأسلوب المربك والمرتبك، وإذا لم يتمكن من ضبط نشاطاته فلا بد أن الأمر سيخرج عن سيطرة الجميع، وسيتحول الوضع إلى شلل كامل في اتخاذ القرار ناهيك عن إنفاذه في الواقع. وعلى رغم أنه من الضروري التفكير في إعادة هيكلة “المجلس”، لكن ما يسبق ذلك هو ضبط عمل مكتب الرئاسة والالتزام باللوائح المعروفة والمقرة، وإعلان التعيينات التي يتحدث عنها المواطنون لأنها تجري حالياً بسرية ومن دون التقيد بأنظمة الخدمة المدنية.

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/57123/feed/ 0
إنقاذ اليمن بوقف الحرب https://www.adenobserver.com/read-news/56503/ https://www.adenobserver.com/read-news/56503/#respond Thu, 22 Dec 2022 14:58:25 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=56503
 مصطفى النعمان
صار مكرراً القول إن الأوضاع البائسة التي بلغتها الأحوال في اليمن اليوم هي نتيجة طبيعية لما حدث بعد 2011 حين عجزت القيادات التي شاركت في الحكم بعدها على حماية هياكل مؤسسات دولة، وأمعنت في تجاهل أهمية تحييدها عن الحزبية، ولم تجتهد لتحصينها كي تقاوم الاهتزازات السياسية خلال وبعد فترة الاحتجاجات الشبابية فعرقلت أجهزة الدولة عن ممارسة مهماتها بكثرة التعيينات الحزبية بعيداً من معايير الخدمة المدنية.
وإذا كانت هذه الأجهزة قد تمكنت من تسيير أعمالها في العقود السابقة لمرحلة الاحتجاجات، وتمكنت من النجاة فلم يكن ذلك في جوهره إلا بالقدرات الشخصية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي أمسك بمفاصل الحكم، مستعيناً في مطلع توليه السلطة بكل القوى المؤثرة حينها، سواء أكانت حزبية أو شخصيات اجتماعية أو شخصيات قادرة على إدارة الحكم، فقد سمح بمشاركة أحزاب عدة في الحكومات التي عملت خلال عهده، وكان شريكه الأبرز جماعة الإخوان المسلمين (ما صار يعرف لاحقاً بالتجمع اليمني للإصلاح)، وفي الوقت ذاته ثبت حكمه مستعيناً بأفضل نخبة عرفها اليمنيون من التكنوقراط الحقيقيين اللامعين والنزيهين مالياً مثل عبدالعزيز عبدالغني وعبدالله الأصنج ومحمد سالم باسندوة ومحمد سعيد العطار وحسن مكي وعبدالكريم الإرياني وعبدالوهاب محمود ومحمد الجنيد ومحمد جباري وعلي لطف الثور وحسين العمري ويحيى المتوكل ومحمد الكباب وكثيرين غيرهم.
اليوم لم يعد جائزاً الحديث عن بلد يقف على حافة هاوية سحيقة، لأنه واقعياً تجاوز مرحلة الخشية من السقوط فيها، وتشظى على كل المستويات، وأضحى صراع اليمنيين الحالي هو كبح جماح سرعة الانزلاق. ويجب الاعتراف أنه وإن كانت الحرب مثلت دونما شك سبباً رئيساً لهذا الانهيار، لكنه ليس الوحيد. فالواقع والأحداث تبرهن على أن استيلاء الحوثيين على كامل المؤسسات بعد التوقيع على (اتفاق السلم والشراكة الوطنية) في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 كان العامل المحفز السابق للحرب الذي أسهم في تسريع الانزلاقات التي نشهدها اليوم. وثمة سبب آخر مهم هو جشع الأحزاب وصراعها من أجل الاستيلاء على حصة داخل مؤسسات الدولة، منتهكة في اختياراتها القسرية معايير الخدمة المدنية، وقواعد التعيينات في الداخل والخارج، ولم تفكر أبداً في المصلحة الوطنية واضعة المصلحة الحزبية والشخصية في المقدمة.
فماذا عن اليوم؟ هو سؤال تبدو إجابته بسيطة، لكن التعقيدات تبرز حين نتحدث عن الحلول.
الواقع المعاش يقول إن الدولة اليمنية تعاني الشلل، فما عادت قادرة على أداء مهماتها الوظيفية الأساسية، وعاجزة عن تقديم الخدمات، التي تمنحها مشروعيتها الوطنية، واقتناع المواطنين بسلطتها، ولن أتحدث عن المشروعية الدستورية، لأنه مسار لم تسلكه حتى الآن. وإذا ما اتفقنا على ذلك يصبح المطلوب هو البحث عن الحل الذي يجعل المواطنين شركاء في إدراك المصاعب التي تقف أمام تحقيق آمالهم وطموحاتهم، تلك التي تمنع عنهم الحصول على الأمان لهم ولأبنائهم. وأول خطوة في هذا المسار هي مواجهة الناس وإطلاعهم على حقيقة الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد. ومن الطبيعي ألا يقتنع بها الناس إلا إذا رأوا أن القيادات الحاكمة، تضرب المثل في النزاهة والجدية والتقشف في الإنفاق، ووقف العبث في الوظيفة العامة. وفوق ذلك الوجود المستدام إلى جوار الناس طوال الوقت.
في عام 1965، شكل الأستاذ الراحل أحمد محمد نعمان حكومته الأولى، ولم تستمر أكثر من ثلاثة أشهر، لأن الحكومة المصرية لم تف بالتزامها تقديم العون المادي، بسبب اعتراضها على بعض الوزراء الذين كانت تصنفهم بالبعثيين واليساريين، لكن النعمان رفض تغييرهم حماية لسيادة البلاد، مفضلاً تقديم استقالته على الخضوع لضغوط خارجية.
وتكرر الموقف في أغسطس (آب) 1971، حين توقف الدعم الخارجي فور تكليف النعمان تشكيل الحكومة حينها فعجزت عن سداد مرتبات الموظفين، فتوجه إلى مجلس الشورى لبحث الأزمة، ثم خاطب الشعب مباشرة قائلاً (لن أكون كالنعامة التي تهرب من الصياد فتغرس رأسها في الرمال وجثتها كلها مكشوفة في العراء، ولن أكتم على الشعب الحقائق التي يعرفها أعداؤه وخصومه والطامعون فيه والدائنون له والمتصدقون عليه). ومرة ثانية تقدم باستقالته حفاظاً على كرامة اليمين الدستورية، التي فضل احترامها على التمسك بمنصب رفيع.
إنني هنا لا أظن أن أحداً من المشاركين في هذه الكارثة سيتقدم بالاستقالة ولا أتوقعها، لكني أطلب منهم الصدق مع النفس أولاً ومع الناس، وهم يدركون أن المواقع التي جرى وضعهم فيها لم تكن نتاج رغبة شعبية أو توافق وطني، وهذا يشكل ضغطاً خانقاً عليهم، لأن الحصول على الأمرين يستدعي منهم إنجازات كبرى لا يمكن تحقيقها، بسبب الأوضاع المالية الكارثية التي فاقمت التهديدات الحوثية الجدية من آثارها في الإيرادات المالية، مما يجعل الحكومة عاجزة عن دفع مرتبات الموظفين في الداخل، ناهيك عن صرف الاستحقاقات الخارجية.
مدخل الحل الحقيقي لكل أزمات اليمنيين يستدعي بداية أن تركز كل الجهود على وقف الحرب نهائياً، وبداية ذلك فتح كل المعابر بين المدن، لأن ذلك في نظري سيشكل خطوة مهمة للتنفيس عن الاحتقان الاجتماعي، الذي تسببت فيه عمليات الشحن الإعلامي السلبي من كل الأطراف والتعبئة السياسية السلبية. قد يكون الأمر صعباً، لأن مصالح مادية شخصية قد تضخمت، وصار قطع الطرقات جزءاً من مكاسبها المتراكمة. وقد يكون مهماً ومفيداً الإمعان في التفكير لإعادة الهيكلة السياسية الحاكمة، لأن الحكم الجماعي لن يتمكن من تحقيق ما يرغب فيه الناس، بسبب تضارب الأهواء والمصالح والرغبات الذاتية

 

*اندبندنت عربية

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/56503/feed/ 0
اليمن: ماذا صنع المجلس؟ https://www.adenobserver.com/read-news/54880/ https://www.adenobserver.com/read-news/54880/#respond Thu, 20 Oct 2022 14:03:43 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=54880
مصطفى النعمان

فوجئ اليمنيون فجر السابع من أبريل (نيسان) 2022 بوزير الإعلام يقرأ البيان – الإعلان نيابة عن الرئيس عبدربه منصور هادي وقال في مقدمته إنه “لتجاوز الصعوبات التي وضعت أمام تحقيق متطلبات المحافظة على النسيج الاجتماعي ووقف نزيف الدماء وتضميداً للجراح وللمحافظة على وحدة شعبنا في دولة مدنية تحمي الجميع، فقد قرر إنشاء مجلس القيادة الرئاسي وكلفه تلبية طموحات شعبنا في التغيير والإصلاح، وإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً”.

وأكد في المادة نفسها الفقرة ب “اختصاص المجلس بجميع صلاحيات نائب الرئيس، كما شدد البيان – الإعلان في المادة 4 – م على اعتماد القواعد المنظمة لأعمال “المجلس” وهيئة التشاور والمصالحة والفريقين الاقتصادي والقانوني خلال 15 يوماً من تاريخ توصية الفريق القانوني بمسودة القواعد المنظمة وتصدر بقانون، وفي المادة نفسها الفقرة (ن) من البيان – الإعلان قال الرئيس هادي “يقرر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الإجراءات التنفيذية اللازمة لتسيير أعمال المجلس وهيئة التشاور والمصالحة والفريق القانوني والفريق الاقتصادي حتى اعتماد القواعد المنظمة”.

لقد عمدت إلى نقل هذه النصوص تحديداً لأنها تفتح الباب واسعاً لنقاش يجب أن يكون جاداً حول ما الذي تم وما الذي يجب وما الذي يتوقع إنجازه بعد أن سمعنا التكليف الواضح من الرئيس هادي للأعضاء الثمانية، عقب تنازله عن كامل صلاحياته الدستورية لهم “من دون رجعة”.

وإذ مرت فترة تزيد على الأشهر السبعة كانت التوقعات خلالها كبيرة والآمال مبالغة عند كثيرين (ولست منهم) بأن المجلس مجتمعاً سيعمل ككتلة واحدة لتحقيق هدف واحد معلن في البيان الذي قرأه رئيس الحكومة في السابع من أبريل الماضي داخل مجلس التعاون الخليجي وهو وقف الحرب، وأن ذلك هو المسار الوحيد المتاح، وأكد أن الحل العسكري قد أثبت فشله بعد أن حصد مئات الآلاف من القتلى والجرحى وتسبب في دمار، وعاظم الأحقاد في كل ربوع اليمن (وهو أمر ينطبق على الحكومة والحوثيين).

توقعت، وقلة، أن يعكف المجلس بداية ويولي اهتمامه منذ اليوم الأول لتنظيم إدارة أعماله وأن يركز على كيفية التعامل مع القضايا الملحة التي تشغل بال المواطنين وتقض مضاجعهم، لأنه من دون تحديد للمسؤوليات والواجبات داخله سيبقى عرضة للشخصنة والقدرة على فرض القرارات وتمريرها بطريقة لا تدل على النضج السياسي في مرحلة تستدعي تفاهمات كبرى غابت عن أذهانهم، كما لا يمكن التعويل على الرياض لحل كل أزمة تطرأ، ثم اللجوء إليها عند كل ضائقة، فهي دولة كبيرة منشغلة بقضايا داخلية وخارجية وتنموية تستلزم التفرغ الكامل بعد ما يقارب من ثماني سنوات قادت فيها التحالف العربي في اليمن واستنزف من جهدها ومالها كثيراً.

يجب على الجميع أن يفهم، الرياض وصلت بعد سبع سنوات من الحرب إلى قناعة كاملة في أن اليمنيين هم وحدهم الأقدر على حل نزاعاتهم ولعل الرسالة التي وجهها الملك سلمان خلال كلمته أمام مجلس الشورى يوم الأحد الماضي كافية، وقال فيها إن المشاورات السياسية هي المدخل والمخرج للأزمة اليمنية. وكانت الكلمات واضحة في مقاصدها السياسية والقومية حين أعرب عن أمله في “أن تؤدي الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة تماشياً مع مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة في اليمن للوصول إلى حل سياسي شامل وتحقيق السلام المستدام بين الأشقاء اليمنيين”. وجدد موقف بلاده “الراسخ والداعم لكل ما يسهم بوقف إطلاق النار بشكل دائم وبدء العملية السياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين بما يحفظ لليمن سيادته ووحدته وسلامة أراضيه”. وطالب بضرورة “وقف الانتهاكات الاستفزازية الحوثية المسلحة داخل اليمن”.

إن وقف الحرب هو المطلب الذي يجب على كل يمني الدفاع عنه والعمل لأجله بعد أن تبين العجز الفاضح لحسمها عسكرياً، ومن هنا فإن “المجلس” عليه مسؤولية مواجهة الأزمات والتصدي لها بما هو أبعد من الوعود، وأعود لأكرر بأن البداية هي في تنظيم عمله وضبط إدارته، ويجب أن يكون حازماً في توجهاته وواضحاً في عدم السماح بتسلط البعض وتغوله على البعض الآخر، ثم فرض القرارات بقوة الأمر الواقع، وإذا ما استمر عمل “المجلس” بالطريقة الحالية فلن يمر وقت طويل دون أن تظهر الشروخ على السطح وتخرج الخلافات المكتومة إلى العلن مهددة الكيان كله بالانهيار فيتم اللجوء عندها مرة أخرى إلى الرياض المثقلة بالملفات.

ومن الطبيعي أن تصبح الشكوى ثم تكرار مطالبة “المجلس” بتدخل الرياض الدائم لحل النزاعات داخله، أمراً محرجاً ومزعجاً لها، وفي الوقت نفسه معيباً بحقه مبرهناً على عدم كفاءة إدارته وضعفها، ولا شك أن المحاولات السعودية للإصلاح تجلب إحراجاً لدى المسؤولين في الرياض لأنها تفرض عليهم اقتحام قضايا هي ترغب صادقة في الابتعاد عن الانخراط فيها حتى لا يبدو الأمر كأنما هو فرض لرؤيتها في كيفية تسيير أعمال “المجلس” وسياسة البلاد، بالتالي الحكومة ومؤسساتها.

كما من المؤكد أن بقاء “المجلس” يرتبط عضوياً بالانعقاد المنتظم وبلائحة داخلية معلنة وبأهمية وجود كل الأعضاء في مكان واحد، ومن الغريب أن الرئيس لم يتوجه لزيارة ما يسمى “المناطق المحررة” وليس في الأمر ما يبرره على الإطلاق، وإذ كان المواطنون ينتقدون غياب الرئيس هادي المستمر عن البلاد وأنه لم يقم بأية زيارة داخلية مكتفياً بزياراته الخارجية فإن الأمر لم يختلف الآن، وفي حين كانت الحجة حينها أنه غير قادر على تأمين الحماية اليمنية الكافية له ولمرافقيه فالأمر لم يتبدل.

من المسلمات السياسية أنه من العسير إدارة قيادة جماعية لا تتفق على رؤية وطنية واحدة، ولا يمكن التعويل على التصريحات التي تتغنى بالتوافق داخل “المجلس” حول مجمل القضايا، فذلك أمر لا يخدع إلا السذج والمطبلين مدفوعي الأجر الذين تكاثروا بعد السابع من أبريل، وصاروا يتوهمون أنفسهم من المؤثرين في الرأي العام الذي يسخر منهم ومن مموليهم ويتعامل مع كتاباتهم بسخرية ولا مبالاة.

اليمن يقف على حافة هاوية ينحدر إلى قاعها بسرعة فائقة ويغيب عنه القادة الأكفاء المهرة الذين يضعون مصالح الناس وقضاياهم قبل مصالحهم الخاصة، وهنا يصبح السؤال الجاد، ما الذي تغير منذ السابع من أبريل 2022 وحتى اليوم؟ الجواب واضح، لا شيء.

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/54880/feed/ 0
هل الانفصال في اليمن ممكن؟ https://www.adenobserver.com/read-news/53920/ https://www.adenobserver.com/read-news/53920/#respond Mon, 29 Aug 2022 22:33:27 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=53920

مصطفى النعمان :

لا تخفي قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي طموحاتها في عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه في 21 مايو (أيار) 1990، وهو اليوم الذي سبق رفع علم دولة الوحدة التي تسببت حرب صيف 1994 بإحداث أعمق التشوهات فيها، ولم تتمكن كل الإجراءات التي اتخذت من تخفيف آثارها السياسية والاجتماعية لأنها تجاهلت جذور المشكلة وظلت تحوم حولها.

تراكم الغضب والحنق في الجنوب بلغ أوجه عام 2007 بالإعلان عن إطار يضم العسكريين الجنوبيين المسرحين قسراً بعد السابع من يوليو (تموز) 1994 (اليوم الذي انتهت فيه المعارك باجتياح كل المحافظات الجنوبية وانكسار الحزب الاشتراكي الذي حكم الجنوب لعقود)، وأفشلت نشوة الانتصار المتعالي المحاولات المتواضعة للتعامل السياسي والقانوني الجاد لمعالجة الآثار الحقيقية لتلك الحرب التي هزت المشاعر الجامحة المؤيدة للوحدة وأدخلتها في نفق غامض النهايات حينها وربما حتى الآن، وأعمت لذة النصر العسكري صنعاء فتجاهل حلفاء الحرب كل الأصوات التي حذرت ونادت بسرعة اتخاذ ما يزيل الدمار النفسي والإنساني الذي ألحقته الحرب بالجنوب خصوصاً وانعكس على كل اليمن عموماً.

استمر تجاهل حلفاء الحرب ومن ضمنهم الجنوبيون المعروفون بالزمرة بعد أحداث 13 يناير (كانون الثاني) 1986، الذين حصلوا على جزء من حصة “الحزب الاشتراكي” في الحكومة والجيش، ولم تتعامل صنعاء بحكمة مع الخطر والغضب المتصاعدين في الجنوب، وكان تعاملها مادياً صرفاً من دون انفتاح سياسي جاد مما أسهم في مضاعفة تأزيم الأوضاع على الأرض، إذ جرى على قاعدة منتصر يملي القواعد الجديدة ومهزوم مطالب بالرضوخ لها.

وعلى الرغم من تنفيذ كثير من مشاريع البنى التحتية في عدن وحضرموت على وجه الخصوص، فإن ذلك لم يكن كافياً لإنجاز معالجات حقيقية على الصعيدين الوظيفي والمعيشي والإنساني، ما أدى إلى تصاعد النقمة ضد الوحدة ذاتها كمبدأ وهدف، وتحميلها كل المسؤولية عما حدث بعدها، مع أهمية التذكير والاعتراف بأن الطريقة التي تمت بها كانت متعجلة ومن دون حسابات دقيقة وبدت للبعض هروباً إلى الأمام.

وزاد الطين بلة تكالب عديد من النافذين الشماليين لاحتكار الأراضي والامتيازات النفطية بعيداً من مبدأ المساواة وتمكين الجميع من الفرص المتاحة.

كان من الممكن في عام 2007 معالجة الأوضاع بهدوء لكن صنعاء ظلت على إصرارها بأن الأمر لا يتعدى عشرات من المحتجين يمكن التعامل معهم أمنياً ووصفهم بالبلاطجة، وتجاهلت تنامي الحنق ومارست القمع وتفتيت الشارع الجنوبي وشراء مواقف القوى المؤثرة فيه والاستهتار بالمعاناة الحقيقية والتقليل من مخاطرها، وفي 22 مايو 2009 فوجئ الجميع بظهور علي سالم البيض معلناً فك الارتباط للمرة الثانية (كانت الأولى في 22 مايو 1994) والدعوة إلى استعادة الدولة، ومرة ثانية لم تتعامل صنعاء مع الدعوة بالحساسية المطلوبة واستمرت في إنكار الوقائع.

في عام 2011 تصاعدت الاحتجاجات ضد الرئيس الراحل علي صالح على امتداد البلاد مطالبة بإسقاطه وملقية عليه مسؤولية كل الفساد والعبث والتجاوزات خلال سنوات حكمه بينما الواقع الذي يعرفه الجميع أن كثيراً من القوى التي اصطفت ضده كانت شريكة معه في الحكم وفي “غنائم” الحروب واستفادت منها وأثرت من تساهله مع فسادها، وكان 2011 أيضاً عام الحصاد الجنوبي إذ ارتفع صوت الدعوة إلى الانفصال متجاوزاً دعوات إصلاح الوحدة والفيدرالية بين إقليمين.

كانت لقاءات “الموفينبيك” فرصة انشغل عنها الجميع بالحديث المنمق والتنافس الخطابي والإدارة السطحية، وبالغ المشاركون في قدراتهم على إحداث التغيير، ولم يتم التعامل الجاد مع ما صار يعرف بالقضية الجنوبية، بل استغلها الرئيس هادي المسكون بأحداث يناير 1986 فرصة لتفكيك التكتلات الجنوبية، مبالغاً في قدرته السياسية على السيطرة عليها والتحكم بها. وعلى الرغم من نجاحه الظاهري فإنه أسهم في خلق تكتلات أكثر تطرفاً من تلك التي كانت تنادي بالحوار الشامل.

وكانت الطامة الكبرى في طريقة إعلان تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وهو أمر أثبت السذاجة السياسية للمشاركين في إنجازه، وتم التوقيع على الوثيقة قسراً من دون مبررات علمية ووطنية جادة ولا أخذت بالاعتبار رغبات الناس الحقيقية.

لقد أدى سوء إدارة البلاد منذ فبراير (شباط) 2012 إلى تسارع الأحداث فجرى التوقيع القسري على “وثيقة السلم والشراكة الوطنية” في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، ثم احتجاز الرئيس هادي في منزله وفراره بعد شهر إلى عدن فصلالة فالرياض، وبعدها اندلعت الحرب في 26 مارس (آذار) 2015. وفي الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 (تاريخ اتفاق الرياض) تجاوز “الانتقالي” المرحلة الأولى من الاعتراف به رسمياً وإقليمياً ودولياً شريكاً في إدارة الجمهورية اليمنية، وتضاعف الارتباك بعد إعلان السابع من أبريل (نيسان) 2022 في كيفية التعامل مع القوانين السائدة والدستور القائم وفي الوقت نفسه الدعوة لفك الارتباط.

قبل أقل من أربع سنوات جمعتني الصدفة بعدد من كبار قيادات “المجلس الانتقالي” في منزل الأخ الشيخ محمد بن فريد العولقي بأبو ظبي، وقلت لهم إننى تعرضت لانتقادات شديدة واتهامات بلا كوابح لأنني عرضت بعد انتخابات أبريل 1993، ثم كررت قبل وخلال حرب 1994، فكرة التراجع خطوة إلى الخلف نحو فيدرالية من إقليمين، ثم شرحت لهم أن فك الارتباط ليس نزوة يمكن تلبيتها بمجرد الإعلان عنها، لأن الأمر ليس نزاعاً عائلياً بين زوجين يمكن لأحدهما أن يتخذ القرار ويتحمل التبعات بمفرده.

إن واقع الحرب والأوضاع الحالية شمالاً وجنوباً شديدة الوحولة والاضطراب، ومن الصعب خلالها مناقشة أمر تغيير الواقع الحالي، لأن ذلك يستدعي جلوس الأطراف الفاعلة كلها إلى طاولة مفاوضات بمن فيهم جماعة “أنصار الله” الحوثية لبحث ترتيباته ومترتباته، وطالما أضحى “المجلس الانتقالي” الشريك الأقوى عسكرياً في مجلس الحكم الحالي فإن عليه في مساره نحو تحقيق ما ينادي به أن يعمل أولاً بصدق وإخلاص لتثبيت أوضاع البلد كلها والسعي لوقف الحروب الدائرة، وتلك خطوة يجب أن يعي أنها سابقة لكل مطالبة أخرى.

إن المطلوب من قيادة “المجلس الانتقالي” هو التوقف عن لعب الأدوار المزدوجة التي تزيد من غموض المستقبل، وإدراك أن كل الإجراءات المنفردة التي تتخذ بالقوة لا يمكن أن تصبح أمراً واقعاً مقبولاً ومستداماً من دون مفاوضات ومن دون قبول وطني وإقليمي ودولي صريح، وأخيراً يجب فهم أن ما نشاهده اليوم هو مجرد إشعال النيران في كل مكان سيفقد معه الجميع القدرة على التحكم في سرعة انتشارها وسيسقط لهيبها فوق رؤوس الأبرياء.

 *INDPENDENT ARABIA

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/53920/feed/ 0
قمة الرياض واليمن https://www.adenobserver.com/read-news/53167/ https://www.adenobserver.com/read-news/53167/#respond Mon, 18 Jul 2022 17:32:52 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=53167

يجب على اليمنيين استغلال ما تبقى من اهتمامات العالم بقضيتهم والعمل على الاستفادة من لحظات الزخم التي تدعو لإنهاء المأساة

سيأتي الرئيس الأميركي إلى الرياض حاملاً معه عديداً من الملفات التي بحثها فريق من المتخصصين في البلدين (رويترز)

يطلق مرشحو الرئاسة الأميركية العنان لوعود انتخابية على كل الأصعدة داخلياً وخارجياً ولا يشكلون في ذلك استثناءً عن أقرانهم الذين سبقوهم إلى البيت الأبيض وأطلقوا عنان خطاباتهم في الحملة الانتخابية لدغدغة مشاعر المواطنين. ولم يكن الرئيس الحالي جو بايدن مختلفاً عن سابقيه.

ما يهمني هنا هو التركيز على الوعود التي أطلقها الرئيس الحالي خلال حملته في شأن اليمن، ولكنه لم يتمكن من إسقاطها على أرض الواقع وليس ذلك جهلاً بما يدور ولا لعدم دراية كافية بحقائق الجغرافيا والتاريخ، وإنما ينحصر الأمر في رغبة أي مرشح بالحصول على أصوات انتخابية من كل المجتمعات المحلية.

ولما كانت الحرب اليمنية قد استحوذت على تعاطف واهتمام الملايين حول العالم نظراً للصور المأسوية التي أظهرت حجم الكارثة الإنسانية التي تسبب بها طول مدى الحرب وعدم حدوث اختراق جاد في مسار العملية السياسية التي تجمدت منذ سنوات، قفز الملف اليمني إلى صدارة البرنامج الانتخابي للمرشح جو بايدن وأصبح ركناً أساساً في سياسته الخارجية تجاه المنطقة وخصوصاً المملكة العربية السعودية.

بطبيعة الحال فإن العلاقات السعودية – الأميركية متعددة المجالات وهي عميقة متجذرة إلى الحد الذي يصعب على إحدى الدولتين الفكاك منها لمجرد أن طرفاً أبدى غضبه أو تحفظه على سياسات وتصرفات الطرف الآخر. وعلى الرغم من أن العلاقات شهدت بروداً غير مسبوق في تاريخ البلدين إلا أنها لم تصل إلى حد القطيعة التي لا يمكن الرجوع عنها لأن مصالحهما أكبر من تحمل الانفصال.

سيأتي الرئيس الأميركي إلى الرياض حاملاً معه عديداً من الملفات التي بحثها فريق من المتخصصين في البلدين، وما زال وسيكون اليمن حاضراً في أذهان كل القادة المشاركين. وليس سراً القول بأن الجميع صار يرى في صمود الهدنة المستمرة منذ أربعة أشهر ما يبعث الأمل بالاتفاق على تمديدها لفترة أطول لتسمح بتهدئة الأوضاع على الأرض والاستمرار في مفاوضات فتح الطرقات بين المدن اليمنية لبدء العودة إلى حياة طبيعية نسبياً تسمح بتنقل المواطنين والبضائع بعد سنوات طويلة من العذاب والإذلال والموت والدمار.

الكل يعلم أن المنطقة تحتاج إلى استقرار حقيقي تتفرغ معه إلى ملفات التنمية المستدامة والبحث في إصلاح المؤسسات المترهلة وترميم العلاقات البينية. وللوصول إلى نتائج إيجابية من الضروري الدخول في مسار البحث في تحقيق مصالح جميع الدول وهذا يستوجب أولاً إيقاف التدهور في العلاقات الخليجية – الإيرانية بما يحقق أمن المنطقة كاملةً.

إن التوتر الذي أصاب على وجه التحديد العلاقات الخليجية – الإيرانية كان مصدره إصرار النظام في إيران على الانغماس المباشر في الشؤون الداخلية لعدد من العواصم، التي نرى ما حل بها من الدمار وما سُفك على أراضيها من الدماء، وهذا أمر سيظل حجر عثرة أمام عودة العلاقات إلى طبيعتها. وذلك يثير مخاوف المنطقة من العودة إلى الاتفاق النووي بما يكفي لمنح إيران الموارد الكافية لتقوية النظام ونشاطاته الخارجية من دون أن تقدم ما يضمن عدم استغلالها في مغامرات خارجية.

جميعنا يعرف أن تعاظم التأثير الإيراني في اليمن قد ازداد مع سنوات الحرب. وعلى الرغم من الاعتراض عليه إلا أن الحقيقة هي أنه كان نتيجةً لإغفال النشاطات الإيرانية السلبية التي تسببت في إثارة الشكوك والمخاوف وبلغ الأمر حد القطيعة بينها وبين دول عربية عدة تعرضت لتدخلات في شؤونها الوطنية.

سيتعرض الرئيس الأميركي في مباحثاته مع قادة المنطقة إلى قضايا أخرى غير اليمن وإيران فهناك أزمة الطاقة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا وأيضاً الإصرار الأميركي على الدفع بعملية السلام مع إسرائيل. وإذا كانت أزمة الطاقة أمراً يمكن التفاهم على معالجته دون تأثر المصالح الوطنية والاقتصادية، فإن قضية السلام قد تثير تحفظ عدد من الدول التي ترى أنه غير قابل للتحقق كاملاً قبل ضمان الحقوق المشروعة للفلسطينيين والتأكيد على قيام دولتين فوق الرقعة الجغرافية الواحدة.

اليمن سيكون حاضراً في النقاشات الجماعية والثنائية وعلى الأخص القول إن تمديد الهدنة لأطول فترة ممكنة واجب الحدوث لأنها قضية إنسانية وأخلاقية يجب العمل عليها. وللتوصل إلى ذلك فالأمر يستدعي تجاوب المتحاربين المحليين الذين تحولت الحرب وقطع الطرقات إلى مصادر إثراء لهم ولو على حساب الناس. وحيث إننا ندرك أن الحرب اليمنية قد أصبحت شأناً إقليمياً ودولياً فكذلك ستكون مخرجات حلولها وسيكون على اليمنيين القبول بالتنازلات الوطنية الكبرى والارتقاء الأخلاقي لوقف الحرب قبل فرض كل شروطها عليهم.

يجب على اليمنيين استغلال ما تبقى من اهتمامات العالم بقضيتهم والعمل على الاستفادة من لحظات الزخم الأخيرة التي تدعو لإنهاء المأساة اليمنية والالتفات إلى تحسين معيشة الناس وأمنهم وخدماتهم الأساسية. ولا شك أن الرئيس بايدن يعلم أن الحكومة الحالية تمثل الطرف الأضعف في المعادلة السياسية والعسكرية وأن الحوثيين يتعاملون من واقع أنهم بعيدون عن التأثر بأي ضغوط خارجية، ومن هنا يجب البحث في المحفزات التي يمكن لها أن تدفعهم إلى مفاوضات على أرضية متساوية دون الحاجة إلى استخدام ورقة القوة لتهديد الآخرين، ولا أعني هنا استمرار الحرب لأنها أثبتت عدم جدواها كما أعلنها البيان الختامي لمشاورات الرياض الأخيرة.

الرئيس بايدن سيرغب في العودة من الرياض حاملاً في حقيبته الموافقة على هدنة طويلة والكل يفهم أن ذلك لن يمثل نهاية الحرب ما لم يستمر الدفع بعملية التفاوض بين الأطراف، ومن اليقين أنه يعلم أن أطرافاً إقليمية يمكن لها أن تلعب دوراً إيجابياً كما فعلت في الماضي وأقصد هنا سلطنة عمان التي تعمل عن قرب وبالتفاهم مع المملكة العربية السعودية للدفع بعجلة المفاوضات السياسية واستمرار التهدئة.

]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/53167/feed/ 0
مجلس القيادة ومواجهة الواقع https://www.adenobserver.com/read-news/52772/ https://www.adenobserver.com/read-news/52772/#respond Tue, 14 Jun 2022 13:41:36 +0000 https://www.adenobserver.com/?p=52772
مصطفى النعمان
إن ما أتحدث عنه ليس تشاؤماً ولا علاقة له بالرغبة في النقد، وإنما تصميم على إظهار الحقيقة المجردة، وصرخة يجب أن تصل إلى الجميع، فالكل يعلم أن الوقت المتاح ليس طويلاً أمام مجلس القيادة الرئاسي لإظهار خطة عملية قابلة للتنفيذ لانتشال الناس من الهاوية التي يستقر فيها اليمنيون جنوباً وشمالاً، وليس واضحاً للناس بعد مرور ما يقارب الثمانين يوماً أن المجلس قادر على إعلان هذه الخطة عدا تشكيل اللجان للقيام بمهمات لا تبدو عملية ولا قابلة للتنفيذ.]
لم يعد وارداً في ذهن الجميع، بعد سبع سنوات من الحرب المدمرة في اليمن، أن الحل العسكري ما زال ممكناً، أو أنه سيحقق أكثر مما فعل منذ اندلاع الحرب في 26 مارس (آذار) 2015. ثم جاء التغيير الذي تم فجر السابع من أبريل (نيسان) 2022 الذي تشكل بموجبه مجلس القيادة الرئاسي ليؤكد هذا السياق وبدء البحث عن مسار سياسي يضع حداً نهائياً للحرب وللمأساة الإنسانية، وليمنح اليمنيين واحدةً من الفرص التي قد لا تتكرر والتي إن حدثت، ربما أسهمت في استقرار البلاد.
لقد صار من الطبيعي إصابة الناس بالشكوك حد اليأس مع أي تغيير يتمنون أن يحدث فرقاً في حياتهم بعد سنوات طويلة من الإهمال والفساد وانهيار كل الخدمات وعجز الإدارات المتتالية، ويكفي التذكير بأن العاصمة المؤقتة عدن تعيش من دون تيار كهربائي منذ سنوات، وبلا خدمات أساسية، ومن دون جهاز أمني موحد في ظل تنازع السلطات داخلها، مما عطل محاولات انتشالها والمحافظات المجاورة من الفوضى، والظلام، والمرض، والفقر… ولم يعد مقنعاً الاكتفاء بالحديث عن الأسباب لأن الناس لم تر جهداً جاداً نزيهاً لإنقاذهم.
بطبيعة الحال، لا يجب تجاهل أن العجز المخيف في الموارد يشكل عائقاً حقيقياً أمام تنفيذ المشاريع التي تحتاجها المدن اليمنية التي صارت تُسمى بـ”المحررة”، ولكن الحقيقة أيضاً أن الموارد التي لا يعلم أحد مقدارها ومصادرها وكيفية صرفها تشكل ثقباً أسود يستنزف كل ما يدخل البنك المركزي. ويكفي للتدليل على حجم الفوضى، أن عدداً من المرافق العامة الرئيسة لا تقوم بنقل إيراداتها إلى البنك المركزي متسببةً في إرباك متواصل يعيق إعداد موازنات موثقة يمكن من خلالها ضبط الدورة المالية للدولة، وهذا يثير قلقاً لدى المانحين.
إن التوجه الصحيح الذي يجب سلوكه من البداية يستدعي عدم الإكثار من نثر الوعود على الناس، بل على العكس يجب مواجهتهم بالحقائق وإن كانت صعبة، لأن إشاعة التفاؤل دونما استناد إلى عوامل موضوعية وموارد حقيقية مستدامة سيزيد من منسوب النقمة على الجميع، وسيفلت الأمر من سيطرة أي قوة تتصور أنها قادرة على احتواء الموقف والتحكم بمشاعر الناس. إن فتيل الانفجار ماثل أمام الجميع، على الرغم من محاولة بعض من الناس تجاهل ما يدور فعلياً على الأرض لأن الأوضاع المعيشية وانهيار الخدمات والتسيب الأمني بلغت حداً سيصعب التحكم في مخرجاته ما لم تتم معالجة أسبابه فوراً.
إن ما أتحدث عنه ليس تشاؤماً ولا علاقة له بالرغبة في النقد، وإنما تصميم على إظهار الحقيقة المجردة، وصرخة يجب أن تصل إلى الجميع، فالكل يعلم أن الوقت المتاح ليس طويلاً أمام مجلس القيادة الرئاسي لإظهار خطة عملية قابلة للتنفيذ لانتشال الناس من الهاوية التي يستقر فيها اليمنيون جنوباً وشمالاً، وليس واضحاً للناس بعد مرور ما يقارب الثمانين يوماً أن المجلس قادر على إعلان هذه الخطة عدا تشكيل اللجان للقيام بمهمات لا تبدو عملية ولا قابلة للتنفيذ.
لقد تحدثت مراراً عن أن الحديث عن دمج القوات العسكرية الخاضعة لقيادات متصارعة، التي تشكلت لأهداف متناقضة، هي فكرة وطنية عظيمة، ولكنها بالمطلق غير عملية وغير قابلة للتنفيذ الآن، واقترحت عوضاً من ذلك إنشاء غرفة عمليات مشتركة لهذه القوات تكون مهمتها الفورية الوحيدة ضبط الأمن في عدن والمحافظات الجنوبية بدايةً. إن حجم التنافر بين مكونات القوى المسلحة بلغ حداً يصعب معه التفكير في دمجها قبل توحيد رؤى قياداتها حول مشروع يلبي احتياجات الناس أولاً، مع التذكير بأن المهمة الأولى التي أوكلت إليهم في 7 أبريل 2022، هي البحث عن سبل الدخول في مشاورات سياسية تفضي إلى وقف الحرب نهائياً.
من المهم إدراك أنه ليس كافياً القول إن الأعباء الواقعة على كاهل مجلس القيادة الرئاسي هي نتاج تراكم الإهمال والفساد وعدم المحاسبة على مدى السنوات السبع الماضية، ولكنها أيضاً نتيجة فاضحة لتآكل الأحزاب وتراخي قياداتها، إذ استرخت في دورة الصمت عن كل السلبيات التي حدثت تحت مرأى الجميع ولم تحاول وقفها، بل على العكس من ذلك كانت تبررها وتستفيد منها لحسابات خاصة.
لقد تخلت الأحزاب عن مهمتها في الاقتراب من الناس والتعبير عن آرائهم وأفكارهم، وفضلت قياداتها التماهي مع الحاكم والاستفادة من قربها منه، وإذا ما استمرت اليوم في ممارسة الأسلوب ذاته، فإنها سترسخ في الأذهان أنها عاجزة عن التعبير عن قضايا الناس وغير معنية بها أصلاً، وهكذا تكون تركت الساحة حكراً على تنظيمات غير منضبطة وغير معترِفة بالدولة القائمة، على هشاشتها، كمظلة تحمي الجميع.
إنه لمن الحيوي أن يعي أعضاء مجلس القيادة الرئاسي مجتمعين أن المواطن البسيط فقد الثقة بكل ما يعلنه من إجراءات وتعيينات، بل على النقيض فهو ينظر إليها كمحاولة للإلهاء والانشغال بما لا يعود بالنفع على المصلحة العامة. كما أن قضية الجمع بين المهمات السيادية لبعض الأعضاء ومهماتهم المحلية تثير لغطاً كبيراً ولا يُستحسَن الإبقاء عليها قضيةً مفتوحة إلا إذا كان هؤلاء غير مقتنعين بأهمية الموقع الأعلى الذي تم وضعهم فيه، ويرون أنه أقل فائدة لهم من الموقع المحلي على الصعيدَين الشخصي والوطني.
تبقى قضية أعيد التأكيد عليها، وهي تضارب الصلاحيات بين اللجنة الاقتصادية التي تشكلت في 7 أبريل الماضي والمؤسسات الحكومية المعنية بالقضايا النقدية ووضع السياسات المالية، وعلى مجلس القيادة الرئاسي الوقوف بحزم إزاءها، لأن ذلك ينعكس على مجمل النشاط المالي وثقة الناس بها والتعامل مع المؤسسات المالية الخارجية. كما أن استنساخ مؤسسات دون توضيح مهماتها بدقة يجعل الاضطراب الإداري مستمراً ويفتح باباً للمضاربة في العملة ومزيد من انهيارها.
سيبقى الناس مترددين في منح ثقتهم للمجلس الجديد وغير مكترثين بما يتم الإعلان عنه، ولكي يتمكن من إحداث تغيير إيجابي في الوعي العام تجاه سلطات الدولة، فإن عليه العمل سريعاً لإيجاد حلول لقضايا أدرك أنها معقدة، لكنه في الأساس جاء لوضع قواعد عملية للتعامل معها، ومن المؤسف أن الذي يراه الجميع، عدا جوقة حملة المباخر المعروفين، مثير للشكوك حول قدرة المجلس على التماسك حول القضايا الكبرى التي تواجه اليمن جنوبه وشماله، وهي مترابطة لا يمكن حل بعضها وترك بعضها الآخر.
INDPENDENTARABIA
]]>
https://www.adenobserver.com/read-news/52772/feed/ 0