أخبار عدن

الظروف الصعبة تجبر دكتور أكاديمي يحمل شهادة امتياز، إلى العمل مساعد عامل ينقل خلطة الأسمنت والأحجار


كتب:د. إياد المشرحي.

حينما كان لي حلم:

كنت أحلم بأن أعيش في وطن يحترم المعلم، درست وتعلمت حتى حصلت على شهادة الدكتوراه في الأدب والنقد،
وقدبنيت حلمي بأن أتعين في الجامعة، وذلك بعد انتداب لما يقارب الـــ 17 عام ونحن نعمل بنظام السخرة وبدون مقابل
كنت أحلم بأن أوفر لي ولأسرتي عيشة كريمة، وقد تعزز هذا الحلم بعدما انتسبنا إلى الجمعية السكنية التابعة للجامعة
وحصلنا على أرضية في مخطط عصل، ولكن وكما هي عادة هذا الوطن، وكما دأبت سياسة هوامير الفساد، وأباطرة
البسط، بأن قاموا بالبسط على مخطط أراضي الجمعية السكنية، ليتلاشى حلم الحصول على الأرضية كما تلاشت سابقاتها
من أحلام قرار التعيين في الجامعة، كنت قد بنيت حلماً على هذه الأرضية بأن أبني لأولادي بيتاً يقيهم حرارة الصيف
وبرد الشتاء، ولكن وكما هي عادة هذا الوطن الذي يتبخر فيه كل أمل للنهوض، فقد تبخر الحلم وأصبح أثراً بعد عين،
وها أنا اليوم أجدني وقد تحولت من دكتور أكاديمي يحمل شهادة امتياز في تخصص الأدب والنقد، إلى مساعد عامل
بناء أعمل على نقل خلطة الأسمنت والأحجار للمعلم، تحولت من مناهج النقد البنيوية والأسلوبية ومعمارية النصوص
إلى بنيوية البناء، وخلطة الأسمنت ومقاديرها النقدية في تناسب المواد، وها أنا في صباحات هذا الشتاء القارس أتأمل
تقاسيم يدي وقد تشققت من لسعات البرد والأسمنت، نعم لم يبق لنا في هذا الوطن موطئ قدم، ولم يعد لأحلامنا فيه متسع
كي تأوينا ، لأجد نفسي وقد سلكت أقرب الطرق كي أوفر لقمة عيش كريمة لأربعة أطفال..
عذراً أولادي فهذا الذي استطعت أن اقدمه
لكم لقمة عيش كريم ورزق حلال سقيته بعرق جبيني، ونفثت فيه أنفاسي في برد الشتاء القارس.
#د. إياد المشرحي.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى