تقارير

أوروبا تتوحد في معركة التصدي للاجئين من دون ألمانيا


قمة “ميد 9” تحث على معالجة القضية من جذورها من خلال شراكات قوية وشاملة مع جميع الشركاء في المتوسط.

فاليتا -عدن اوبزيرفر دعت دول البحر الأبيض المتوسط الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعها الجمعة في مالطا، إلى استجابة “موحدة” و”بنيوية” لأزمة الهجرة، في موقف يجمع أكبر الدول المعنية بملف الهجرة باستثناء ألمانيا التي تتعرض لانتقادات.

وجاء في البيان الختامي لقمة “ميد 9”، “نكرر الحاجة إلى تعزيز كبير لجهود الاتحاد الأوروبي” مع بلدان انطلاق المهاجرين وعبورهم. وشاركت في القمة كرواتيا وقبرص وإسبانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا ومالطا والبرتغال وسلوفينيا.

ولخّص رئيس الوزراء المالطي روبرت أبيلا مضيف القمة، هذه الرغبة قائلا إنه “يجب معالجة القضية من جذورها” من خلال “شراكات قوية وشاملة مع جميع شركائنا في جنوب البحر الأبيض المتوسط”. شراكات على غرار الاتفاق المبرم مع تونس بسعي من إيطاليا وفرنسا، رغم مخاوف المدافعين عن حقوق الإنسان من ممارسات هذا البلد المغاربي.

ووجه رؤساء الدول والحكومات الذين اصطفوا أمام كاتدرائية “مدينة” في جزيرة مالطا رسالة مماثلة. وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إنه “في غياب حلول بنيوية، ستشمل هذه المشكلة الجميع”، منتقدة “قصر نظر” من يعتقدون بقدرتهم على مواجهة هذا التحدي بشكل منفرد.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “الوضع الاستثنائي” يستدعي “بكل وضوح ردّا أوروبيا موحدا ويدفعنا جميعا إلى إظهار التضامن مع إيطاليا”، مؤكدا على التفاهم غير المتوقع والمتزايد مع البلد الجار.

إيلون ماسك: عمليات إنقاذ المهاجرين في المتوسط الممولة من برلين يمكن أن ينظر إليها على أنها “غزو” لإيطاليا
إيلون ماسك: عمليات إنقاذ المهاجرين في المتوسط الممولة من برلين يمكن أن ينظر إليها على أنها “غزو” لإيطاليا
وأجرى الرئيس الفرنسي الذي يؤكد أن موقفه تقدمي ويعمل من أجل وحدة الصف الأوروبي، ورئيسة الوزراء الإيطالية التي ترأس حكومة تعتبر وريثة الفاشية وانتخبت قبل سنة على أساس برنامج قومي، محادثات طويلة الثلاثاء في روما وباتت لديهما “رؤية مشتركة لإدارة مسألة الهجرة”.

ويأتي هذا التقارب بعد سلسلة توترات فرنسية – إيطالية بشأن هذه المسألة الشائكة، وبعد أن تحدث ماكرون عن “الاستجابة المبسطة والقومية” التي نسبها بشكل مبطن إلى ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة، أحد أركان الائتلاف الحكومي الإيطالي وحليف زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان.

والتقى ماكرون وميلوني على هامش “ميد 9” مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لمناقشة “تطبيق خطة من عشر نقاط عرضتها المفوضية الأوروبية” في منتصف سبتمبر لمساعدة إيطاليا التي تواجه تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين على جزيرة لامبيدوسا الصغيرة.

وبعد أكثر من أسبوع من الهدوء المرتبط بسوء الأحوال الجوية، تجدد وصول المهاجرين عن طريق البحر الجمعة إلى الجزيرة الإيطالية. وبين يونيو وأغسطس، غرق ما لا يقل عن 990 شخصاً في وسط البحر الأبيض المتوسط، أي أكثر بثلاثة أضعاف ممّا سجل خلال الصيف السابق، وفقاً لإحصاء نشرته منظمة اليونيسف الجمعة، معربة عن أسفها لتحوّل هذا البحر إلى “مقبرة للأطفال ومستقبلهم”.

وقالت المنظمة إنّ حوالي 11600 “قاصر غير مصحوبين” بذويهم حاولوا التوجه إلى إيطاليا بين يناير ومنتصف سبتمبر على متن قوارب متداعية، أي أكثر بنسبة 60 في المئة عمّا كان عليه الأمر في الفترة نفسها من العام 2022. وكان الهدف من “ميد 9” ضبط مواقف بلدان جنوب أوروبا التي غالبًا ما تكون على الخطوط الأمامية في قضية الهجرة، قبل الاجتماعات الحاسمة للاتحاد الأوروبي في غرناطة بإسبانيا في غضون أسبوع ثم في بروكسل في نهاية أكتوبر وديسمبر.

لكن رغم دعوة الزعماء إلى التبني السريع لميثاق الهجرة الأوروبي الذي ينص على إصلاح نظام اللجوء في الدول الأعضاء السبع والعشرين، فإن المفاوضات تظلّ صعبة.

وكانت ألمانيا قد وافقت في بروكسل الخميس على جزء رئيسي من اتفاق الهجرة الأوروبي. لكن المفاوضات بشأن إصلاح نظام اللجوء في الدول السبع والعشرين لا تزال صعبة، فقد أعربت روما عن تحفظاتها بشأن التعديل الذي ترغب فيه برلين، وطالبت ميلوني في المقابل بأن تقوم المنظمات غير الحكومية التي تنقذ المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط بإنزالهم في الدولة التي ترفع سفنها علمها.

ودخل الملياردير إيلون ماسك السبت على خط السياسة الألمانية في فترة تشهد نقاشا ساخنا حول الهجرة في أنحاء أوروبا، قائلا إن عمليات إنقاذ المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط الممولة من برلين يمكن أن يُنظر إليها على أنها “غزو” لإيطاليا.

وفيما ردت عليه وزارة الخارجية الألمانية، كثف ماسك انتقاداته، قائلا “إذا خرجت حكومة ديمقراطية ما عن إرادة الشعب، يتعين إسقاطها في الانتخابات”. ونشر ماسك تعليقات مستخدم على منصة إكس يحمل اسم “راديو جنوى” نددت بعمليات منظمات غير حكومية ألمانية في البحر المتوسط، مبديا الأمل في أن “يفوز حزب البديل لألمانيا في الانتخابات ليوقف هذا الانتحار الأوروبي”.


وردا على سؤال طرحه ماسك حول “ما إذا كان الألمان مدركين لهذا الأمر” أجابت وزارة الخارجية الألمانية باقتضاب “نعم. وهذا يُدعى إنقاذ أرواح”. ودفع جواب وزارة الخارجية الألمانية بمالك منصة التواصل الاجتماعي إلى تكثيف انتقاده وكتب في تعليقات أخرى السبت “بصراحة، أشك في أن تكون غالبية الألمان يؤيدون ذلك”.

وأضاف “هل أجريتم استطلاعا؟ هل يُعدّ قيام ألمانيا بنقل أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين إلى الأراضي الإيطالية انتهاكا لسيادة إيطاليا؟ هذا يوحي بغزو”. وكتبت ميلوني مؤخرا رسالة شكوى للمستشار الألماني أولاف شولتس للتعبير عن “دهشتها” لقيام برلين بتمويل جمعيات خيرية تساعد مهاجرين غير قانونيين في بلدها.

وردا على سؤال بشأن الرسالة أكدت برلين أنها تقدم ما بين 400 و800 ألف يورو لكل من مشروعين متعلقين بالمهاجرين. ويتعلق المشروعان بـ”الدعم على الأرض في إيطاليا للأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر ولمشروع منظمة غير حكومية لعمليات الإنقاذ في البحر”. وفي مؤتمر صحفي هذا الأسبوع عقب محادثات مع نظيرتها الإيطالية، دافعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن دعم برلين لعمليات الإنقاذ.

وقالت إن “متطوعي الإنقاذ البحري لديهم مهمة إنقاذ أرواح في البحر المتوسط”. وأضافت “إنهم ملتزمون بإنسانية منع الوفيات في البحر المتوسط، لأن خدمة الإنقاذ البحري المشتركة ‘ماريه نورستروم’ لم تعد موجودة”، في إشارة إلى العملية التي قامت بها الحكومة الإيطالية لمدة عام وأنقذت أكثر من 100 ألف مهاجر قبل أن تنتهي في 2014.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى