عربية ودولية

إحاطة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لمجلس الأمن 14 فبراير 2024

 

 

إحاطة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لمجلس الأمن

14 فبراير 2024

جلسة مفتوحة

 

 

شكرًا السيدة الرئيسة

 

السيدة الرئيسة، اسمحي لي بذكر ما هو جلي: نحن نجتمع في وقت تحفه التحديات بشكل خاص بالنسبة لليمن والمنطقة.

 

حتى وقت قريب، كنا نحرز تقدما ملموسًا في جهود الوساطة. وقد سادت فترة من الهدوء النسبي على الجبهات لمدة تقارب عامين، وقد واصلت الأطراف الرئيسية التفاوض نحو إنهاء النزاع في اليمن. في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023، التزمت الأطراف أمامي بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعلى اتخاذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية يمنية-يمنية. كما التزموا بالعمل مع مكتبي لتفعيل هذه الالتزامات من خلال اتفاق خارطة طريق أممي. أنا ممتن لدور المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في دعم وساطة الأمم المتحدة.

إلا أن محور الاهتمام قد تحول منذ ذلك الحين. وأصبح مشهد الوساطة أكثر تعقيدًا الآن، والجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق تعصف بها أولويات ومصالح مختلفة.

إن تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب في غزة، وبشكل خاص التصعيد العسكري في البحر الأحمر، يؤدي إلى تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن. وعلى الرغم من محاولاتي لعزل عملية السلام عن الديناميات الإقليمية الأوسع، إلا أن الواقع يبرهن بأن جهود الوساطة في اليمن لا يمكن النأي بها عما يحدث. فما يحدث على المستوى الإقليمي يؤثر على اليمن، وما يحدث في اليمن يمكن أن يؤثر على المنطقة.

ردًا على الهجمات المتكررة التي شنتها أنصار الله على السفن في البحر الأحمر، قامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة باستهداف مواقع لتخزين الأسلحة وأنظمة للصواريخ وأهداف أخرى تقع في المناطق التي تسيطر عليها أنصار الله في اليمن. ومن المتوقع خلال الأيام القادمة، أيضًا كرد على الأعمال العسكرية لأنصار الله في البحر الأحمر، أن تصنف الولايات المتحدة أنصار الله كجماعة إرهابية محددة خصيصًا.

دعوني أكون صريحًا، هذه التطورات مثيرة للقلق. وعلى الرغم من التعقيدات المحتملة، فإن عملي سيستمر مهما حدث. لذلك من الضروري حماية الفضاء السياسي، وأن تبقى قنوات التواصل مفتوحة، وأن تستمر جميع الجهات الفاعلة في المشاركة في الجهود التي أقوم بها.

بينما الأضواء مسلطة على البحر الأحمر، أود أيضًا أن ألفت انتباهكم إلى التطورات المثيرة للقلق داخل اليمن. تزداد مسببات القلق على طول عدة جبهات، حيث تفيد تقارير بوقوع اشتباكات وتحشيد وخسائر بشرية، بما يشمل مناطق شبوة والجوف ومأرب وصعدة وتعز. أشعر بالقلق إزاء تزايد التهديدات العلنية بالعودة إلى القتال. وفي الوقت نفسه، فإن حجم التحديات الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد هائل. فلم يتم دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية بالكامل، خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة أنصار الله، ويواجه الناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة وارتفاعًا في الأسعار نتيجة لانخفاض قيمة العملة. خلال الأسبوع الماضي، قمت بزيارة عدن والمخا وتعز، حيث استمعت إلى شواغل اليمنيين، وخاصة تلك المتعلقة بضرورة فتح الطرق وتحسين الظروف المعيشية، كما استمعت إلى مخاوفهم وتطلعاتهم للمستقبل. كما أشرت باستمرار إلى أهمية الحفاظ على الهدوء على الخطوط الأمامية وحماية التقدم المحرز حتى الآن.

سيدتي الرئيسة، على الرغم من التحديات المتزايدة التي يواجهها مسار السلام الآن، إلا أن نهج الوساطة الذي أعتمده يتسم بمرونة كافية للتكيف مع مختلف السيناريوهات والتحديات. بالإضافة إلى زيارتي لليمن، قمت برحلات مكثفة في المنطقة خلال الأسابيع الماضية، حيث زرت كل من إيران، وعُمان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. ركزت نقاشاتي خلال هذه الزيارات على الحاجة إلى بيئة مواتية لحل النزاع في اليمن. وفي ظل التحولات الراهنة، أرى أن هناك ثلاثة أمور يجب أن تحدث في المدى العاجل لإيجاد مخرج من هذه الدورة التصعيدية الخطيرة الحالية.

أولاً، نحتاج إلى رؤية خفض للتصعيد على المستوى الإقليمي. تنخرط الأمم المتحدة مع الجهات المعنية بهدف تشجيع منح الأولوية لاستخدام القنوات الدبلوماسية تحقيقًا لذلك الغرض. وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف نار إنساني فوري في غزة، وأعرب عن قلقه الشديد إزاء امتداد أكبر لهذا الصراع وحذر من تداعياته. وأود أن أكرر نداءه ، وأعمل مع الأطراف اليمنية والفاعلين الإقليميين ذوي الصلة لدعم خفض التصعيد في البحر الأحمر لحماية مساحة الوساطة في اليمن.

ثانيًا، يتعين على الأطراف اليمنية وقف الاستفزازات العلنية والامتناع عن استغلال الفرص العسكرية داخل اليمن في هذه المرحلة الحساسة. فالتصعيد في اليمن هو اختيار، وهو اختيار مكلف للغاية سيدفع ثمنه اليمنيون بالمزيد من فقدان الأرواح وسبل العيش. يجب على الأطراف تجنب أي خطوات قد تؤدي إلى هذه النتيجة. ويشجعني، سيدتي الرئيسة، أن تلقيت تأكيدات من جميع الأطراف بتفضيلهم للمضي في طريق السلام خلال محادثاتي الأخيرة معهم.

ثالثًا، ولأن اليمن ليست مجرد ملحوظة هامشية في حواشي قصة إقليمية أوسع، فإن الأطراف المعنية بحاجة إلى إعادة تركيزهم على حماية التقدم الذي تم تحقيقه حتى الآن نحو التوصل لاتفاق . فالتصعيد الإقليمي لا يُبطل الاحتياجات الملحة في اليمن المتعلقة بوقف إطلاق النار في أرجاء البلاد، ودفع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق والموانئ والمطارات وإعادة الإعمار وبنود أخرى كانت قيد التفاوض. ولا يزال على الأطراف المشاركة في بُنَى حوارية مستدامة تحت رعاية الأمم المتحدة لتحقيق هذه الإجراءات ومعالجة غيرها من الأولويات. وقد استمر مكتبي في العمل مع الأطراف على التفاصيل المتعلقة بآلية وقف لإطلاق للنار تجمع بينهم بالبناء على لجنة التنسيق العسكرية التي تم تشكيلها خلال فترة الهدنة.

كما نواصل التحضير لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة بتيسير من الأمم المتحدة لدعم تنفيذ التدابير الاقتصادية المتفق عليها والتفاوض على أولويات أخرى قصيرة وطويلة الأمد. في النهاية، السلام هو مشروع سياسي. لذلك، ينبغي أن يكون الأساس الرئيسي لكل هذا هو عملية سياسية يمنية-يمنية، ذات مصداقية ومدعومة دوليًا. ومن خلال هذه العملية، سيقرر اليمنيون كيفية إنهاء الحرب بشكل دائم وبناء مستقبل سياسي جديد.

سيدتي الرئيسة، ليس هناك سبب للحكم على اليمنيين بحياة الحرب والفقر والقمع. تقدم خارطة الطريق الأممية قيد المناقشة مستقبلاً بديلاً. وبدلاً من عقلية المحصلة الصفرية للحرب والاستنزاف، يمكن للأطراف أن تتعاون لتحقيق مكاسب ملموسة لجميع اليمنيين.

على سبيل المثال، سيساهم وقف دائم لإطلاق النار في عموم البلاد في إنقاذ الأرواح ويسمح بإعادة إحياء الاقتصاد. بينما يُعزز فتح الطرق وإزالة الازدواج الضريبي سلامة المدنيين ويخفض من أسعار السلع الأساسية. كما سيُسهم استئناف إنتاج وتصدير النفط والغاز في توليد تدفقات مالية كبيرة، مما سيسمح بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية وتوفير الخدمات العامة. ويمنح كل ذلك لليمنيين فرصًا أفضل للحصول على الرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الاحتياجات والخدمات الأساسية.

في وقت السلم، تستطيع الجهات المانحة الدولية أن تدعم إعادة بناء المساكن والبنية التحتية، وتطوير قطاعات مختلفة مثل قطاع الطاقة المتجددة. كما يمكن للاستثمار الأجنبي المباشر أن يساعد اليمن على الانتقال من الاعتماد على المساعدات إلى إعادة الإعمار القائمة على الاستثمار في مرحلة ما بعد النزاع. ستتاح لليمن فرصًا أكبر للحصول على المنح والقروض من المؤسسات المالية الدولية. سيستطيع المزيد من النازحين داخل اليمن العودة إلى ديارهم. وأمر مهم أيضًا هو أن تضمن التسوية السياسية قدرة اليمنيين على المشاركة بأمان وحرية في الحياة المدنية والسياسية. كما ينبغي للتسوية السياسية التأكد أيضًا من أن مؤسسات الدولة خاضعة للمساءلة بحسب أولويات واحتياجات اليمنيين.

سيدتي الرئيسة، اليمنيون لا يستحقون ما هو أقل من ذلك. لقد شهدنا عمليات سلام ناجحة في سياقات أخرى تحقق العديد من هذه المكاسب. وفي اليمن، هناك مسار جاذب وبديل عن المضي في طريق الصراع والدمار الاقتصادي. نحن نعمل من أجل التوصل لاتفاق يسمح للأطراف بالالتقاء والتفاوض بشأن الأولويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، ولإحداث فارق في حياة الشعب اليمني. وهذا هو الطريق نحو عملية تعافي مشتركة.

الجميع في هذا المجلس يتمتع بنفوذ. ما تقولونه وما تفعلونه مهم. واليمن يستحق انتباهكم الكامل. وبالرغم من اختلاف وجهات النظر، فإن لديكم مسؤولية جماعية لحماية مسار الوساطة وضمان حصول اليمنيين على فرصة حقيقية للسلام. سأستمر في التعويل على دعمكم المتضافر.

 

شكرًا جزيلًا السيدة الرئيسة

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى