كتاب عدن

الاحتلال الإيراني لليمن

 

 

كُتب بواسطة : محمد سالم بارماده

 

منذ الثورة الخمينية سعت إيران للتدخل بشؤون اليمن من خلال الحوثيين لتهديد أمن الخليج العربي , فقد حاولت إيران تشكيل قوةٍ صاعدة، من خلال تصدير ثورتها إلى محيطها العربي، مما جعلها تؤسس لنوعٍ من الطائفية السياسية التي أخذت تتشكل بوضوح من خلال تدخلاتها بدولٍ كاليمن ولبنان والعراق، وبالنسبة إلى اليمن، عملت محافظة صعدة التي تعد معقلاً للطائفة الزيدية الشيعية، وتقع شمال اليمن على إعادة إحياء معاهدها ومؤسساتها الدينية. وبدءاً من 1990، برزت شخصيتان زيديتان من هذه المنطقة هما بدر الدين الحوثي وابنه حسين زعيما حزب “الحق”  بصفتهما الداعيين الرئيسيين لعقيدة الحركة الدينية السياسية التي أصبح أتباعها معروفين بالحوثيين.

 

يجب علينا أن نعترف ونقر ولا نغمض أعيننا عن حقيقة إن إيران نجحت في استغلال بعض الظروف في اليمن وعملت على تأسيس وتشكيل طابوراً خامساً تابع لها , وقد عُرف هذا الطابور لاحقاً بجماعة أنصار الله أو ما يعرف الآن بالمليشيات الانقلابية الحوثية الإيرانية , ولم يكن هذا بسبب قوة حيلتهم وذكاؤهم وخططهم غير المسبوقة , بل بسبب ضعف النظام السياسي الحاكم في تلك الفترة والمتمثل في نظام المخلوع صالح , وكذا تخلخل المعايير وازدواجيتها والقيم الاجتماعية والثقافية , كما استغلت إيران الفراغ الإستراتيجي في أنظمة الدول وبدأ بملئها بتوابع لتحقيق رؤية إيران المتطرفة على المستوى الإقليمي والعالمي .

 

منذ العام 2004 خاضت هذه المليشيات حروباً ستة ضد الدولة اليمنية عندما اعتقلت السلطات اليمنية حسين الحوثي بتهمة إنشاء تنظيم مسلح داخل البلاد , حيث كان معظم القتال في محافظة صعدة , وانتقل لاحقاً إلى الجوف وحجة وعمران , فقد اتهمت حكومة المخلوع صالح المليشيات الحوثية الانقلابية بالسعي لإعادة الإمامة الزيدية وإسقاط الجمهورية اليمنية بينما تتهم الحركة الانقلابية الحوثية الايرانية الحكومة اليمنية بالتمييز ودعم القوى السلفية لقمع المذهب الزيدي .

 

تصيدت المليشيات الانقلابية الحوثية حالة السخط الشعبي , وشددوا سيطرتهم على محافظة صعدة والمناطق المجاورة في الأجزاء الشمالية من اليمن , وفي سبتمبر/أيلول 2014م ، تمكَّنت المليشيات الحوثية الانقلابية من توسيع نطاق سيطرتهم على الأراضي ، واستولوا على عدد من المواقع العسكرية والأمنية في العاصمة صنعاء وقد ساعد على ذلك تحالفهم الذي عقدوه مع المخلوع صالح , الذي كانوا قد قاتلوه على مدى عقود .

 

من اللحظات الأولى لانقلابها على شرعية الوطن , اعتبر مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني ، علي رضا زاكاني ، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي أن العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد ، مبيناً أن ما اسماها ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية , واعتبرها امتداد طبيعي للثورة الإيرانية ، وأن 14 محافظة يمنية سوف تصبح تحت سيطرة الحوثيين قريبا من أصل 20 محافظة .

 

إنّ تاريخ العلاقات اليمنية الإيرانية، أصبح مخضباً بالدماء، منذ اللحظة التي اختارت فيها إيران استخدام العنف المبطن والواضح أيديولوجياً وعسكرياً من خلال الحوثيين، ليمزق اليمنيون أنفسهم من أجل بزوغ كيانٍ جديدٍ يمثلها، وحتماً سيكشف التاريخ حجم وتفاصيل دمار اليمن السعيد على يد طموحات إيران غير المشروعة، ولو أنّه لم يكن بهذه السعادة قبل الحرب، إلا أنّه لم يكن يوماً، بحاجة إلى كل هذا الدمار.

 

في الآونة الأخيرة ازداد وتطور الاحتلال الإيراني لليمن والمتمثل بالمليشيات الانقلابية الحوثية بشكل لافت , حيث تصر إيران على دعم الحوثيين ، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً ، وهو الأمر الذي يحاول النظام الإيراني أن يخفيه تارة وينفيه تارة أخرى حتى لا يتعرض لعقوبات دولية , ولكن الجميع يعلم ويدرك إن المليشيات الانقلابية الحوثية هو احتلالاً إيرانياً اُبتليت به اليمن , وحتماً سوف يتخلص أبناء اليمن عامة من هذا الوباء شاء من شاء وأبى من أبى , وان غداُ لناظرة قريب , والله من وراء القصد .

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى