عربية ودولية

من لوجانو السويسرية الى ضفاف نهر جوكسو بإسطنبول ..تحالفات الإخوان ضد السعودية وسر العداء الدفين لها




تقرير/ احمد صالح العمودي:

تبنت المملكة العرببة السعودية ومنذ نشأتها الفكر والمذهب الاسلامي السني الاصيل والسمح ، الذي اخذ إنتشاراً واسعاً في كل اصقاع الارض وطغى بنقائه وصحة نهجه على ما دونه من المذاهب الاسلامية العنيفة التي إبتكرتها حركات اسلامية سياسية ، كجماعة الإخوان المسلمين التي بنت علاقات مع المملكة بهدف إختراقها لضرب المنهج السني في معقله الرئيس ونقطة إنطلاق تنويره ، الحركة اجرت بدأب محاولات عدة طيلة عقود في هذا الاتجاه والهدف، غير ان النظام السعودي كان اذكى مما يخطط له خصوم مملكته ومكانتها الدينية والسياسية والافتصادية على الصعيد الاقليمي والدولي .

– *عقدة الإخوان من المملكة*

كانت جماعة الاخوان ومازالت ترى ان عقدة عثراتها مرتبطة بقوة المملكة العربية السعودية ومكانتها المرموقة في العالم العربي والاسلامي ، لذا لم تتوانى من تجريب محاولات التسلل بفكرها القائم على هذا الاعتقاد النافي لإمكانية وصولها الى الحكم والسلطة في هذا البلد او ذاك كاليمن والكويت وو إلخ في ظل ديمومة قوة السعودية وريادتها المنطقة، وبالتوازي مع هذه المحاولات إشتغلت جماعة الاخوان على مدى عقود من تأسيسها على شيطنة المملكة وتقديمها كعدوا لنهظة الامة ، ففي اليمن أشاع القيادي في التنظيم الدولي للإخوان” الفضيل الورتاني” مقولة يرددها اليوم ناشطي حزب الاصلاح الاخواني، مفادها ” ان مؤسس المملكة السعودية عبدالعزيز آل سعود – رحمة الله عليه – اوصى اولاده بجعل اليمن متخلفا كشرط لبقاء المملكة آمنة ، وقد خضعت هذه المقولة البلهاء لإشتقاقات عدة طورها الخطاب الاعلامي الاخواني الموازي وصنع منها منهج عداء للمملكة التي لا تحتاج إلى جرد حساب عطائها لليمن وانظمة صنعاء على سبيل المحاججة وضد إفتراءات الاعلام الاخوان.

– *بداية العلاقة وخبث وغدر الاخوان*

بدأت العلاقات بين السعودية وجماعة الإخوان مع بداية تأسيس الجماعة نفسها؛ حيث كانت السعودية الناشئة حديثًا والصاعدة بقوة تحت قيادة مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود، الوجهة الأولى التي كان ينوي حسن البنا الرحيل إليها والاستقرار بها ، حين كان يبحث في بداية دعوته عن بيئة أكثر ملاءمة للدعوة من مصر، وكانت المفاضلة دائماً بينها وبين اليمن التي كانت وقتذاك خاضعة لحكم الأئمة، لكنه ونظراً لشروط وضعها ورفضتها المملكة، منها ان يعامل كمفكر وليس معلم ، عاد الى مصر وكرس جل إمكانيات التنظيم وكبار منظريه لجعل اليمن – الشمال – بؤرة خطر فكري ومذهبي على المملكة ونظامها المتماسك بقوة منذ ذلك الحين وحتى اليوم .

زار حسن البنا المملكة لأداء فريضة الحج والتقى بالملك عبدالعزيز، وتقدم له بطلب إنشاء فرع لتنظيم جماعة الإخوان إلا أن الملك المؤسس صده بذكاء ينم عن فطنة وحنكة عندما اجابه بالقول وبتلقائية : “كلنا إخوان مسلمون” وهو ما دفع الجماعة إلى مساع أخرى، وهي نشر أدبياتهم من خلال البعثات الدعوية إلى المملكة خلال مواسم الحج، في محاولة لنشر الدعوة بين الوفود الإسلامية ، من خلال الخطب التي عمل البنا على إلقائها لعرض مبادئ دعوته الساعية لتعنيف الخطاب الديني في إطار اهداف سياسية تهدف الى إسقاط الانظمة بالعنف وبناء دولة الامه والخلافة ، وهذي نفسها التي يتحدث عنها اليوم زعماء وامراء التنظيمات الارهابية كالقاعدة وداعش وتتبنى جماعة الاخوان فرع اليمن تبرير جرائمهم الارهابية في الجنوب وإستغلالها لتمرير اجندات سياسية معادية للجنوب وقواته المسلحة ودول التحالف العربي وقائدته المملكة العربية السعودية، ولعل رجوعنا إلى خطابات زعيم تنظيم القاعدة في اليمن خالد باطرفي سيضعنا امام ادلة وبراهين قاطعة .

– *من اليمن تكشف للملكة وجه الاخوان القبيح*

في مراحل عدة راعت المملكة الظروف التي دفعت أعضاء وقيادات جماعة الاخوان للهرب من بلدانهم، وآوتهم ووفرت لهم فرصاً وظيفية وقدمت لهم معاملة حسنة وحياة كريمة، إلا أنهم قابلوا الإحسان بنكران الجميل، فتاريخهم مليء بالغدر والمكائد، التي بلغت أوجهاً في عهد الملك فهد رحمه الله، إلا ان احداث ووقائع سابقة شهدها اليمن – الشمال – قد كشفت وبجلاء عن الوجه القبيح لجماعة الاخوان ولعلى ابرزها ما سميت بثورة الدستور الاخوانية الفاشلة عام 1948م التي حاولت جماعة الاخوان ، مقاسمة الامام السلطة على حساب مطالب الشعب كما فعلت مع علي عبدالله صالح ، حينها اطلقت الجماعة تصريحات تحريضية ومسيئة ضد المملكة العربية السعودية واتهامها بتغذية الفوضى في اليمن ، وذلك وفقاً لما نقله محمود عبد الحليم، أول مؤرخ لتاريخ الجماعة في كتابه “الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ”، وكانت تلك الأحداث قطعت الطريق تماماً أمام محاولات الإخوان للتغلغل بأفكارهم الثورية ودعوتهم المتطرفة والمستترة إلى السعودية في عهد الملك المؤسس.

*عقود من تنمية مشاعر الحقد على المملكة*

عمدت جماعة الإخوان فرع اليمن على تنمية كل مهدد تستشعر به المملكة العربية السعودية في قيادتها الصراع العربي مع اطراف اقليمية كايران ، حيث سوقت الجماعة حتى في ذروة علاقتها الجيدة مع المملكة ، مفاهيم سياسية تحمل السعودية مسؤولية تخلف اليمن وفشل ما تسمى بثورة سبتمبر وصعود انظمة حاكمة استبدادية ، ونستطيع القول ان جماعة الاخوان رأت في تحريضها المعادي للمملكة قد ألب حولها مناصرين كثر، ووسع من حاضنتها لا سيما في محافظات الشمال ، وتمكنت بذات الخطاب إستخدام الحوثيين ضد نظام علي عبدالله صالح قبل ان يتحالف معهم ، وضد المملكة العربية السعودية والجنوب بدرجة رئيسية ، ومازال هذا الاستخدام قائما وبأشكال عدة ابرزها الاعلامي والعسكري.

– *إستغلال الفوضى في المنطقة لتهديد امن واستقرار المملكة*

ابقت السلطات السعودية على خاصية الحذر العالي في تعاملها مع جماعة الإخوان المسلمين، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، ولم يسمح لها بتأسيس هيئة أو أفرع لمكتب الإرشاد داخل السعودية، ولكن وبطريقة غير معلنة إستطاعت الجماعة التغلغل داخل المؤسسات التعليمية والاكاديمية بالمملكة ، وربما ان تلك الاصوات السعودية الاكاديمية والاعلامية التي تناصر جماعة الاخوان في حملاتها التحريضية ضد بلدهم ومملكتهم وحلفائها في المنطقة والجنوب نتاج ذلك التغلغل.

– *من لوجانو السويسرية الى ضفاف نهر جوكسو بإسطنبول*

كانت اكثر إنكشافات الاخوان قبحاً وخسة ، في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود ، عندما إتضحت نواياها السيئة بجلاء ، وذلك بتأييدها ، ما تسمى بالثورة الإيرانية عام 1979، وقد اثبت التأييد والمناصرة المعلنة ، أن جماعة الاخوان تعمل بكل ما لديها من إمكانيات وتأثير استغلال أي ثورة أو فوضى في المنطقة لتحقيق أهدافها السياسية المعادية للمملكة وفي سياق نهم الجماعة للسلطة.

عقد التنظيم الدولي للإخوان اجتماعاً في مدينة لوجانو السويسرية وسارعت قيادته إلى الاتصال بالخميني وايدوا وباركوا ثورته الشيعية الثورة، وشكلوا وفدا لزيارة طهران ، وقبل وصول الوفد لأداء البيعة عين الخميني كمال خرازي (وزير الخارجية فيما بعد) ضابطًا للاتصال بالتنظيم الدولي للإخوان.، والعناية بشئون وفدهم الذي جاء لتقديم التهاني بنجاح الثورة الخمينية ومبايعته وتأكيد التنظيم على تنبيه رفع شعار الثورة الشيعية الخمينية الى النمطقة العربية .

وكان لهذا الموقف الاخواني ردود فعل عربية غاضبة لا سيما وان ثورة الخميني الشيعية تمثل بؤرة الخطر على المنطقة العربية وامنها القومي وقد رفع قادتها ورموزها منذ البداية شعارات معادية للمملكة العربية السعودية ، وكادت أن تكون أحداث ما تسمى ثورة الخميني بداية التصدي لجماعة الاخوان والحد من توغل عناصرها في المؤسسات التعليمية بالسعودية ، لكن الحرب السوفيتية على افغانستان إقتضت التهدئة مع الجماعة، من غير ان تهدئ الجماعة تحريضها على السعودية، بل عادت الى إستئناف ما دأبت عليه لا سيما في تنظيم فعاليات ومؤتمرات إقليمية ودولية مكرسة للإساءة للمملكة وحلفائها كالامارات ومصر والجنوب وإبعاد إيران من المساءلة والمسؤولية بوصفها المدان الاول والاخير بكل ما لحق بالمنطقة من دمار وخراب، كان آخر هذه المؤتمرات في واشنطن وبرلين وانقرة ، وجميعها تشبه في اهدافها إجتماع قادة تنظيم الاخواني في” لوجانو السويسرية ”

*الكلمة الفصل في موقف السعودية من جماعة الإخوان*

تابع تنظيم الاخوان طعناته بظهر المملكة العربية السعودية التي احسنت اليه في اشد واقسى المنعطفات التي مر بها ، ففي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود ، وتحديداً بعد الغزو العراقي للكويت، انكشفت مجدداً سوء النوايا لدى جماعة الاخوان ومن انتسب إليها وتأثر بفكرها، بعد أن عارضت الجماعة السعودية قيادتها تحرير الكويت، في حرب الخليج الثانية عام 1991، وانضم رموز الإخوان إلى حركة “الصحوة” التي عارضت وجود ما تسمتها بالقوات الاجنبية على الأراضي السعودية لتحرير الكويت وقاموا سوياً بالاحتجاجات واستغلال تلك الظروف للتمرد وتقديم مطالب سياسية، ومن أبرز الأسماء التي قادت تلك الاحتجاجات حينها سلمان العودة وتحالفت معه لجنة “لجام” التي تعج بالشخصيات الإخوانية تحت قيادة المعارض المنشق سعد الفقيه.

في اليمن ( الشمال ) خرجت جماعة الاخوان بمظاهرات رددت شعارات” بالكيماوي يا صدام ” مع ان الجماعة في حرب الخليج الثانية بين العراق وايران كانت اقرب الى ايران منها الى العراق نكاية بالمملكة ، ومارست موقفاً متغطرساً كموقفها اليوم من الخطر الايراني ومليشياته الحوثية، في المقابل خرجت في الجنوب وفي العاصمة عدن مظاهرات تؤيد الموقف العربي ونددت غزوا العراق لدولة الكويت شقيقة .

يمكننا القول ان حرب الخليج الثانية، كشفت عن موقف القيادة السعودية من جماعة الإخوان المسلمين ورؤيتها تجاهها، وتجلى ذلك في تصريحات وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز خلال حواره مع صحيفة «السياسة» الكويتية، في 23 نوفمبر 2002، الذي كان بمثابة الكلمة الفصل في موقف السلطات السعودية من جماعة الإخوان، إذ قال رحمه الله: «جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء. كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار..

وعندما اضطهد الإخوان وعلقت لهم المشانق لجأوا إلى السعودية فتحملتهم، وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين»، وأوضح أن «أحد الإخوان البارزين أقام 40 سنة عندنا، وتجنس بالجنسية السعودية، وعندما سئل عن مثله الأعلى قال: حسن البنا»، وحول الغزو العراقي للكويت، قال الأمير نايف: «جاءنا عبدالرحمن خليفة وراشد الغنوشي وعبد المجيد الزنداني، فسألناهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا: نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء»، وأكمل «بعد وصول الوفد الإسلامي إلى العراق، فاجأنا ببيان يؤيد الغزو!!»

لقد ادركت المملكة العربية السعودية وفق معطيات وعن تجربة ومما تراه اليوم وتسمعه في خطاب جماعة الاخوان وسلوكها ، ان الجنوب وقواته المسلحة ومجلسه الانتقالي، ليس فقط اصدق وافى الشركاء الحلفاء في مواجهة الخطر الايراني ، بل اكثرهم إستيعاباً ومعرفة وإدراكاً لتركيبة ذات الخطر الخميني الشيعي والاخواني المتطرف ، واكثر إستعداداً وخوضاً لصراع عربي مصيري تتجاوز إنتصاراته واهميته البعد الوطني الجنوبي والقومي العربي الى الحاجة ولأهميته الدولية القصوى لا سيما فيما يتعلق بالسلام والأمن الدوليين من اجندات تستهدف أمن وإستقرار المنطقة والمصالح الدولية فيها.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى