عربية ودولية

قمة «بوتين-شي».. شراكة تؤسس لعالم متعدّد الأقطاب


عدن اوبزيرفر-متابعات:بعثت القمة التي جمعت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنظيره الصيني، شي جين بينغ، في موسكو، أخيراً، بعدّة رسائل تعكس تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، في ضوء المصالح المشتركة بينهما، والدخول في حلقة جديدة من الشراكة، مبنيّة على أساس تطلعات أوسع خلال المرحلة المقبلة.

وعبّرت القمة، التي جاءت خلال الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الصيني في ولايته الثالثة، عن مدى تلاقي المصالح المشتركة، ربما أكثر من أي وقتٍ مضى بين موسكو وبكين، فبينما الأولى تسعى لمواجهة أثر العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة والغرب، تبحث عن منافذ مضمونة لها مبنيّة على أسس من التوافق المشترك، فيما وجدت بكين ضالتها في تلك العلاقات، لحصد المزيد من المكاسب الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية.

ورقة ضغط

ولا تتوقف المصالح الصينية عند حدّ الحصول على النفط والغاز من روسيا بأسعار مخفضة، كما جرى خلال العام الماضي بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إنما تتطلع بكين – التي يصب ميزانها التجاري مع روسيا في مصلحتها – إلى مزيدٍ من المكاسب الاستراتيجية بخلاف ذلك أيضاً، من بينها: استخدام تلك العلاقات كورقة ضغط على الولايات المتحدة، في ضوء المنافسة بين الطرفين، جنباً إلى جنب مع المكاسب الاقتصادية.

وعكس البيان الروسي الصيني المشترك في ختام الزيارة، حجم التطلعات لتطوير العلاقات الثنائية، فقد تم توقيع وثيقتين، الأولى، لتعميق الشراكة والتفاعل الاستراتيجي، بما يتواءم مع الدخول في حقبة جديدة، والثانية حول خطة تنمية المجالات الرئيسة للتعاون الاقتصادي لغاية 2030، في ضوء هدف مشترك لمضاعفة حجم التجارة البينية. وصرح الكاتب والمحلل السياسي، ديمتري بريجع، لـ«البيان»، أن «هذا التقارب مهم بالنسبة للبلدين، لكنه لا يعني أنه قد ينتج عنه تحالف قوي، على اعتبار أنه تحالف مصالح اقتصادية، فرضته الظروف الحالية، خاصة فيما يخص روسيا التي لجأت إلى توسعة تلك العلاقات بعد خسارتها للغرب، فلجأت إلى التوجه نحو الشرق كحل وحيد بالنسبة لها في الوقت الراهن».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2022، 190 مليار دولار، ارتفاعاً من 147 مليار دولار في 2021، فيما يستهدف البلدان الوصول إلى 200 مليار دولار في 2023. يأتي ذلك في وقت وصلت فيه العلاقات بينهما إلى «أعلى مستوى لها على الإطلاق»، فيما يؤكد الجانبان أن تنامي العلاقات غير موجه ضد دولة أخرى.

وأضاف بريجع: «روسيا دائماً ما تتحدث عن نظام متعدد الأقطاب، والصين كذلك، لديها اهتمام بهذا الشأن.. لكن الأخيرة تعمل في سياق متوازن، في ظل الحفاظ على النظام العالمي القائم، حتى في مسألة أوكرانيا، فإنها تفهم أن ذهاب الطرفين لمزيد من التصعيد، قد يتسبب في حرب طويلة الأمد».

علاقات وثيقة

وفي هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية في كلية هاميلتون بالولايات المتحدة الأمريكية، آلان كفروني، لـ«البيان»: إن الصين تتجنب الوقوع في فخ العقوبات، لكنها في الوقت نفسه «تعمل على المحافظة على علاقات وثيقة مع روسيا». يأتي ذلك بالنظر إلى ما يجنيه المارد الصيني من مكاسب عميقة جرّاء العلاقات مع روسيا، سواء المكاسب الداخلية الخاصة التي تجنيها بكين، وكذلك المكاسب الاستراتيجية ذات الصلة المتعلقة ببناء عالم جديد لا يعترف بالقطب الواحد. وتحدّث الخبير الأمريكي، في الوقت نفسه، عن مواصلة بكين العمل داخل «البريكس»، في سياق رغبتها بتأسيس عالم متعدد الأقطاب (وهي الرغبة التي تتقاسمها مع روسيا، إذ يسعى الطرفان إليها ضمن المكاسب المشتركة وفي ضوء التوافقات الاستراتيجية والأيدلوجية بينهما).

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى